١٤ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ , ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ الْعَطَّارُ , ثنا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: ثنا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ , ثنا أَبُو مُقَاتِلٍ يَعْنِي حَفْصَ بْنَ سَلْمٍ , ثنا عَوْنُ بْنُ أَبِي شَدَّادٍ , عَنِ الْحَسَنِ , فِي وَصِيَّةِ لُقْمَانَ لِابْنِهِ: " يَا بُنَيَّ لَا تَنْتَفِعْ بِالْإِيمَانِ إِلَّا بِالْعَقْلِ , فَإِنَّ الْإِيمَانَ قَائِدٌ , وَالْعَمَلَ سَائِقٌ , وَالنَّفْسَ حَرُونٌ , فَإِنْ فَتَرَ سَائِقُهَا ضَلَّتْ عَنِ الطَّرِيقِ , فَلَمْ تَسْتَقِمْ لِصَاحِبِهَا , وَإِنْ فَتَرَ قَائِدُهَا حَرَنَتْ , فَلَمْ يَنْتَفِعْ سَائِقُهَا , فَإِذَا اجْتَمَعَ ذَلِكَ اسْتَقَامَتْ طَوْعًا وَكَرْهًا , وَلَا يَسْتَقِيمُ الدِّينُ إِلَّا بِالتَّطَوُّعِ وَالْكُرْهِ , إِنْ كَانَ الْإِنْسَانُ كُلَّمَا كَرِهَ مِنَ الدِّينِ شَيْئًا تَرَكَهُ , أَوْشَكَ أَنْ لَا يَبْقَيَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ دَيْنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَلَا تَقْنَعْ لِنَفْسِكَ بِقَلِيلٍ مِنَ الْإِيمَانِ , وَلَا تَقْنَعْ لَهَا بِضَعِيفٍ مِنَ الْعَمَلِ , وَلَا تُرَخِّصْ لَهَا فِي قَلِيلٍ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَلَا تَعِدْهَا بِشَيْءٍ مِنَ اسْتِحْلَالِ الْحَرَامِ , فَإِنَّ النَّفْسَ إِذَا أُطْمِعَتْ طَمِعَتْ , وَإِذَا أَيِسْتَهَا أَيِسَتْ , وَإِذَا أَقْنَعْتَهَا قَنِعَتْ , إِذَا أَرْخَيْتَ لَهَا طَغَتْ , وَإِذَا زَجَرَتْهَا انْزَجَرَتْ , وَإِذَا عَزَمْتَ عَلَيْهَا أَطَاعَتْ , وَإِذَا فَوَّضْتَ إِلَيْهَا أَسَاءَتْ , وَإِذَا حَمَلْتَهَا عَلَى أَمْرِ اللَّهِ صَلَحَتْ , وَإِذَا تَرَكْتَ الْأَمْرَ ⦗٢٦٦⦘ إِلَيْهَا فَسَدَتْ , فَاحْذَرْ نَفْسَكَ وَاتَّهِمْهَا عَلَى دِينِكَ , وَأَنْزِلْهَا مَنْزِلَةَ مَنْ لَا حَاجَةَ لَهُ فِيهَا , وَلَا بُدَّ مِنْهَا , فَإِنَّ لَا حَاجَةَ لَكَ فِي بَاطِلِهَا , وَلَا بُدَّ لَكَ مِنْ تُهْمَتِهَا , وَلَا تَغْفَلْهَا عَنِ الزَّجْرِ فَتَفْسَدْ عَلَيْكَ , وَلَا تَأْمَنْهَا فَتَغْلِبْكَ , فَإِنَّهُ مَنْ قَوَّمَ نَفْسَهُ حَتَّى تَسْتَقِيمَ , فَبِالْحَرِيِّ أَنْ يَنْفَعَ نَفْسَهُ وَغَيْرَهَا , وَمَنْ غَلَبَتْهُ نَفْسُهُ فَأَنْفُسُ النَّاسِ أَحْرَى أَنْ تَغْلِبَهُ , وَكَيْفَ لَا يَضْعُفُ عَنْ أَنْفَسِ النَّاسِ وَقَدْ ضَعُفَ عَنْ نَفْسِهِ؟ وَكَيْفَ يُؤْمَنُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّفْسِ , وَهُوَ مُتَّهَمٌ عَلَى نَفْسِهِ؟ وَكَيْفَ يُهْتَدَى بِمَنْ قَدْ أَضَلَّ نَفْسَهُ؟ وَكَيْفَ يُرْجَا مَنْ قَدْ حُرِمَ حَظَّ نَفْسِهِ؟ يَا بُنَيَّ ثَقِّفْهُمْ بِالْحِكْمَةِ وَاسْتَعِنْ بِمَا فِيهَا , فَإِنْ وَافَقَكَ الْهَوَى أَوْ خَالَفَكَ , فَاصْبِرْ نَفْسَكَ لِلْحَقِّ , وَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْحِكَمِ , فَإِنَّ الْحَكِيمَ يُذِلُّ نَفْسَهُ بِالْمَكَارِهِ حَتَّى تَعْتَرِفَ بِالْحَقِّ , وَإِنَّ الْأَحْمَقَ يُخَيِّرُ نَفْسَهُ فِي الْأَخْلَاقِ , فَمَا أَحَبَّتْ مِنْهَا أَحَبَّ , وَمَا كَرِهَتْ مِنْهَا كَرِهَ ⦗٢٦٧⦘ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: اعْقِلُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ عَنْ لُقْمَانَ الْحَكِيمِ مَا تَسْمَعُونَ , اعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يَكُونَ طَبِيبًا لِنَفْسِهِ , لَمْ يَصْلُحْ أَنْ يَكُونَ طَبِيبًا لِنَفْسِ غَيْرِهِ , وَمَنْ لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يُؤَدِّبَ نَفْسَهُ , لَمْ يُحْسِنْ أَنْ يُؤَدِّبَ نَفْسَ غَيْرِهِ , وَاعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ لَمْ يَعْرِفْ مَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ فِي نَفْسِهِ مِمَّا أَمَرَهُ بِهِ , وَنَهَاهُ عَنْهُ , وَلَمْ يَأْخُذْ نَفْسَهُ بِعِلْمِ ذَلِكَ , كَيْفَ يَصْلُحُ أَنْ يُؤَدِّبَ زَوْجَتَهُ وَوَلَدَهُ , قَدْ أَخَذَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ تَعْلِيمَهُمْ مَا جَهِلُوهُ. مَا أَسْوَأَ حَالَ مَنْ تَوَانَى عَنْ تَأْدِيبِ نَفْسِهِ وَرِيَاضَتِهَا بِالْعِلْمِ وَمَا أَحْسَنَ حَالَ مَنْ عَنِّي بِتَأْدِيبِ نَفْسِهِ , وَعَلِمَ مَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ وَمَا نَهَاهُ عَنْهُ , وَصَبَرَ عَلَى مُخَالَفَةِ نَفْسِهِ , وَاسْتَعَانَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ عَلَيْهَا