للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَمِعْتُ الْعَبَّاسَ بْنَ أَحْمَدَ بْنِ الشَّاعِرِ، يَقُولُ: «كَانَ أُسْتَاذِي مُظَفَّرُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْقِرْمَاسِيُّ يُجَزِّئُ لَيْلَهُ يَقْرَأُ ثَلَاثَةَ أَجْزَاءٍ، يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مِنْ أَوَّلِهِ، ⦗٢١١⦘ وَيُصَلِّي وَسَطَهُ، وَيُغَنِّي آخِرَ اللَّيْلِ، وَكَثِيرًا مَا كَانَ يُغَنِّي بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ ⦗٢١٣⦘

[البحر المنسرح]

قَدْ لَسَعَتْ حَيَّةُ الْهَوَى كَبِدِي ... فَلَا طَبِيبَ لَهَا وَلَا رَاقِي

إِلَّا الْحَبِيبُ الَّذِي شَغِفْتُ بِهِ ... فَعِنْدَهُ رُقْيَتِي وَتِرْيَاقِي»

دَخَلْتُ عَلَى عَبَّاسِ بْنِ الشَّاعِرِ قَبْلَ مَوْتِهِ بِقَلِيلٍ، فَقُلْتُ لَهُ: كَيْفَ تَجِدُكَ؟ فَقَالَ: أَجِدُنِي لِمَا قَدْ نَزَلَ بِي بَيْنَ حَالَتَيْنِ لَا أَقْدِرُ أَنْ أَنْفَكَّ عَنْهُمَا: أَحَدُهُمَا، إِنْ تَجَلَّدْتُ لِتَحَمُّلِ مَا قَدْ نَزَلَ بِي، تَقَعْ مِنِّي مُزَاحَمَةٌ فِي الْمَوْضِعِ، فَإِنْ سَأَلْتُهُ كَشْفَ مَا بِي، تَقَعْ مِنِّي الْمُعَارَضَةُ لِمُرَادِهِ فِيَّ، فَقَدْ دَهِشْتُ بَيْنَ الْحَالَتَيْنِ، فَقُمْنَا وَخَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهِ، وَتُوُفِّيَ فِي لَيْلَتِهِ، وَذَلِكَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ"

<<  <   >  >>