٢٢٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، سَمِعْتُ ابْنَ جُرَيْجٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ عِكْرِمَةَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ يَقْرَأُ فِي الْمُصْحَفِ قَبْلَ أَنْ يَذْهَبَ بَصَرُهُ وَهُوَ يَبْكِي، فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ؟ قَالَ: " وَيْحَكَ هَلْ تَعْرِفُ أَيْلَةَ؟ قُلْتُ: وَمَا أَيْلَةُ؟ قَالَ: قَرْيَةٌ كَانَ بِهَا نَاسٌ مِنَ الْيَهُودِ، حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ حِيتَانَهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ، وَكَانَتْ حِيتَانُهُمْ تَأْتِيهِمْ يَوْمَ السَّبْتِ بِيضًا سِمَانًا كَأَمْثَالِ الْمَخَاضِ يَنْطَحُ بِأَبْنِيَتِهِمْ، فَإِذَا كَانَ غَيْرُ يَوْمِ السَّبْتِ ذَهَبَتْ فَلَمْ يَجِدُوهَا، وَلَمْ يُدْرِكُوهَا إِلَّا فِي كَبَدٍ وَمَشَقَّةٍ وَمُؤْنَةٍ شَدِيدَةٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَعَلَّنَا لَوِ اصْطَدْنَاهَا يَوْمَ السَّبْتِ لَأَكَلْنَاهَا فِي غَيْرِ يَوْمِ السَّبْتِ، فَأَخَذَهَا أَهْلُ بَيْتٍ مِنْهُمْ، فَشَوَوْا، فَوَجَدَ جِيرَانُهُمْ رِيحَ الشِّوَاءِ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَرَاهُ أَصَابَ بَنِي فُلَانٍ شَيْءٌ، فَأَخَذَهَا غَيْرُهُمْ، حَتَّى كَثُرَ ذَلِكَ فِيهِمْ وَفَشَا، فَافْتَرَقُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ: فِرْقَةٌ أَكَلَتْ، وَفِرْقَةٌ نَهَتْ، وَفِرْقَةٌ قَالُوا: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأعراف: ١٦٤] . فَقَالَتِ الْفِرْقَةُ الَّتِي نَهَتْ: يَا قَوْمُ، إِنَّا نُحَذِّرُكُمْ أَنْ يُمِيتَكُمُ اللَّهُ بِمَسْخٍ أَوْ خَسْفٍ أَوْ قَذْفٍ، أَوْ بَعْضِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعَذَابِ، وَاللَّهِ لَا نُبَايِتُكُمْ مَكَانًا أَنْتُمْ فِيهِ. فَخَرَجُوا مِنَ السُّورِ، ⦗١٥٣⦘ فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أَتَوُا السُّورَ، ثُمَّ رَقِيَ مِنْهُمْ رَاقٍ فَقَالَ: يَا عِبَادَ اللَّهِ، قِرَدَةٌ وَاللَّهِ لَهَا أَذْنَابٌ تَعَاوي. فَنَزَلَ، فَفَتَحَ الْبَابَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمُ النَّاسُ، فَعَرَفَتِ الْقِرَدَةُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْإِنْسِ، وَلَمْ تَعْرِفْ أَنْسَابَهَا مِنَ الْقِرَدَةِ، فَيَأْتِي الْقِرْدُ الْإِنْسَانَ فَيَقُولُ لَهُ: أَنْتَ فُلَانٌ؟ فَيُشِيرُ بِرَأْسِهِ: نَعَمْ، وَيَبْكِي. وَتَجِيءُ الْقِرَدَةُ إِلَى الْإِنْسَانِ فَتَقُولُ: أَنْتِ فُلَانَةُ؟ فَتُشِيرُ بِرَأْسِهَا: نَعَمْ، وَتَبْكِي. فَقَالُوا لَهُمْ: إِنَّا قَدْ حَذَّرْنَاكُمْ عِقَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَاسْمَعِ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: ١٦٥] ، فَمَا أَدْرِي مَا فَعَلَتِ الْفِرْقَةُ الثَّالِثَةُ، فَكَمْ مِنْ مُنْكَرٍ قَدْ رَأَيْنَا فَلَمْ نَنْهَ عَنْهُ. فَمِنْ هَذَا بَكَى ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ عِكْرِمَةُ: فَقُلْتُ لَهُ: أَلَا تَرَى، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ، ⦗١٥٢⦘ أَنَّهُمْ قَدْ أَنْكَرُوا وَعَرَفُوا حَتَّى قَالُوا: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} [الأعراف: ١٦٤] ، قَالَ: فَأَعْجَبَهُ قَوْلِي، وَأَمَرَ لِي بِبُرْدٍ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute