٥٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الصَّنْعَانِيُّ، عَنْ مَخْلَدِ بْنِ حُسَيْنِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْفَضْلِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زِيَادِ بْنِ أَنْعُمَ، قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ: أَرْمِيَا: أَنْ قُمْ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ قَوْمِكَ؛ فَإِنَّ لَهُمْ قُلُوبًا لَا يَفْقَهُونَ بِهَا، وَأَعْيُنًا لَا يُبْصِرُونَ بِهَا، وَآذَانًا لَا يَسْمَعُونَ بِهَا، فَسَلْهُمْ كَيْفَ وَجَدُوا غِبَّ طَاعَتِي؟ وَسَلْهُمْ كَيْفَ وَجَدُوا غِبَّ مَعْصِيَتِي؟ وَسَلْهُمْ هَلْ شَقِيَ أَحَدٌ بِطَاعَتِي؟ أَمْ هَلْ سَعِدَ أَحَدٌ بِمَعْصِيَتِي؟ إِنَّ الْبَهَائِمَ تَذْكُرُ أَوْطَانَهَا فَتَنْزِعُ إِلَيْهَا، وَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْقَوْمَ تَرَكُوا الْأَمْرَ الَّذِي أَكْرَمْتُ بِهِ إِيَّاهُمْ، وَالْتَمَسُوا إِكْرَامَهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهَا، أَمَّا مُلُوكُهُمْ فَكَفَرُوا نِعْمَتِي، وَأَمَّا أَحْبَارُهُمْ فَلَمْ يَنْتَفِعُوا بِمَا عَرَفُوا مِنْ حِكْمَتِي، خَزَنُوا الْمُنْكَرَ فِي صُدُورِهِمْ، وَعوَّدُوا الْكَذِبَ أَلْسِنَتَهُمْ، فَبِعِزَّتِي وَجَلَالِي لَأُهَيِّجَنَّ عَلَيْهِمْ جُنُودًا لَا يَعْرِفُونَ وُجُوهَهُمْ، وَلَا يَفْقَهُونَ أَلْسِنَتَهُمْ، وَلَا يَرْحَمُونَ بُكَاءَهُمْ، أُسَلِّطُ عَلَيْهِمْ خَيْلَ رَامَاسِيَا، لَهُ جُنُودٌ كَقِطَعِ السَّحَابِ، كَأَنَّ حُمُلَ فُرْسَانِهِ كَالْعِقْبَانِ، وَكَأَنَّ خَفْقَ رَايَاتِهِ أَجْنِحَةُ النُّسُورِ، فَيَدَعُونَ الْعُمْرَانَ خَرَابًا، وَالْقُرَى وَحْشًا. فَوَيْلٌ لِإِيلِيَّاءَ وَسُكَّانِهَا، كَيْفَ أُسَلِّطُ عَلَيْهِمُ السِّبَايَةَ، وَأُذِلُّهُمْ بِالْقَتْلِ، لَأُبَدِلَنَّهُمْ بَعْدَ حُبِّ الْأَعْرَاسِ صِرَاعَ الْهَامِ، وَلَأُبَدِّلَنَّ بِغِنَاهُمْ بَعْدَ الْعِزِّ الذُّلَّ، وَبَعْدَ الشِّبَعِ الْجُوعَ، وَلَأَجْعَلَنَّ لُحُومَهُمْ زِبْلَ الْأَرْضِ، وَعِظَامَهُمْ طَاحِيَةً لِلشَّمْسِ. ⦗٥٥⦘ فَقَالَ ذَلِكَ النَّبِيُّ: أَيْ رَبِّ، إِنَّكَ لَمُهْلِكُ الْأُمَّةِ، وَمُخَرِّبُ هَذِهِ الْمَدِينَةِ، وَهُمْ وَلَدُ خَلِيلِكَ إِبْرَاهِيمَ، وَأُمَّةُ صَفيِّكَ مُوسَى، وَقَوْمُ نَبِيِّكَ دَاوُدَ، فَأَيُّ أُمَّةٍ تَأْمَنُ مَكْرَكَ بَعْدَ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟ وَأَيُّ مَدِينَةٍ. . . عَلَيْكَ بَعْدَ هَذِهِ الْمَدِينَةِ؟ فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ: إِنِّي إِنَّمَا أَكْرَمْتُ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَدَاوُدَ بِطَاعَتِي، وَلَوْ عَصَوْنِي لَأَنْزَلْتُهُمْ مَنَازِلَ الْعَاصِينَ. إِنَّ الْقُرُونَ قَبْلَكَ كَانُوا يَسْتَحْرِمُونَ لِمَعْصِيَتِي حَتَّى الْقَرْنِ الَّذِي أَنْتَ فِيهِ، فَأَظْهَرُوا مَعْصِيَتِي فَوْقَ رُءُوسِ الْجِبَالِ، وَتَحْتَ ظِلَالِ الشَّجَرِ، وَفِي بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ. فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ أَمَرْتُ السَّمَاءَ فَكَانَتْ طَبَقًا مِنْ حَدِيدٍ عَلَيْهِمْ، وَأَمَرْتُ الْأَرْضَ فَكَانَتْ صَفْحَةً مِنْ نُحَاسٍ، فَلَا سَمَاءَ تُمْطِرُ، وَلَا أَرْضَ تُنْبِتُ، فَإِذَا مَطَرَتِ السَّمَاءُ شَيْئًا فَبِرَحْمَتِي وَعَطْفِي عَلَى الْبَهَائِمِ، وَإِنْ أَنْبَتَتِ الْأَرْضُ شَيْئًا تَسلَّطَتْ عَلَيْهِ الْجَرَادُ وَالْجَنَادِبُ وَالصَّرَاصِيرُ، فَإِنْ حَصَدُوا مِنْهُ شَيْئًا فِي خِلَالِ ذَلِكَ فَأَوْدَعُوهُ فِي بُيُوتِهِمْ نُزِعَتْ بَرَكَتُهُ، ثُمَّ يَدْعُونَ فَلَا أَسْتَجِيبُ لَهُمْ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute