(وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ) أي: تمنوا مشقتكم وما يوقعكم في الضرر الشديد.
أي: أن هؤلاء الذين تصافونهم وتفشون إليهم أسراركم مع أنهم ليسوا على ملتكم، بجانب أنهم لا يألون جهدا في إفساد أمركم، فإنهم يحبون عنتكم ومشقتكم وشدة ضرركم، وتفريق جمعكم، وذهاب قوتكم.
(قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ) أي: قد ظهرت أمارات العداوة لكم على ألسنتهم.
• قال ابن كثير: أي: قد لاح على صَفَحات وجوههم، وفلتات ألسنتهم من العداوة، مع ما هم مشتملون عليه في صدورهم من البغضاء للإسلام وأهله، ما لا يخفى مثله على لبيب عاقل.
• وقال القرطبي: قوله تعالى (قَدْ بَدَتِ البغضآء مِنْ أَفْوَاهِهِمْ) يعني ظهرت العداوة والتكذيب لكم من أفواههم.
والبغضاء: البغض، وهو ضدّ الحُبِّ.
وخصّ تعالى الأفواه بالذِّكر دون الألسنة إشارةً إلى تَشدُّقهم وثَرْثَرَتهم في أقوالهم هذه، فهم فوق المتستر الذي تبدو البغضاء في عينيه.
• قال الآلوسي: قوله تعالى (قَدْ بَدَتِ البغضاء مِنْ أفواههم) أي ظهرت أمارات العداوة لكم من فلتات ألسنتهم وفحوى كلماتهم لأنهم لشدة بغضهم لكم لا يملكون أنفسهم ولا يقدرون أن يحفظوا ألسنتهم، وقال قتادة: ظهور ذلك فيما بينهم حيث أبدى كل منهم ما يدل على بغضه للمسلمين لأخيه، وفيه بعد إذ لا يناسبه ما بعده ..
• وقال الرازي: قوله (قَدْ بَدَتِ البغضاء مِنْ أفواههم) إن حملناه على المنافقين ففي تفسيره وجهان:
الأول: أنه لا بد في المنافق من أن يجري في كلامه ما يدل على نفاقه ومفارقته لطريق المخالصة في الود والنصيحة، ونظيره قوله تعالى (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القول).