للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• وقد قيل: كوامن النفوس تظهر على صفحات الوجوه وفلتات اللسان.

(وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ) أي: وما يبطنونه لكم من البغضاء أكثر مما يظهرونه.

• قال الفخر: يعني الذي يظهر على لسان المنافق من علامات البغضاء أقل مما في قلبه من النفرة، والذي يظهر من علامات الحقد على لسانه أقل مما في قلبه من الحقد. أ

(قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ) أي: وقد وضحنا لكم الآيات الدالة على وجوب الإخلاص في الدين وموالاة ومعاداة المنافقين.

إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) أي: إن كنتم تعقلون عن الله أمره ونهيه.

• ثم ذكر في هذه الآية أموراً ثلاثة، كل واحد منها على أن المؤمن لا يجوز أن يتخذ غير المؤمن بطانة لنفسه فالأول

(هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ) أي: أنتم -أيها المؤمنون-تحبون المنافقين مما يظهرون لكم من الإيمان، فتحبونهم على ذلك وهم لا يحبونكم، لا باطنا ولا ظاهراً.

وقيل: تحبون لهم الإسلام وهم يحبون أن تبقوا على الكفر.

وقيل: (تُحِبُّونَهُمْ) بسبب ما بينكم وبينهم من الرضاعة والمصاهرة، وَلَا يُحِبُّونَكُمْ بسبب كونكم مسلمين.

وقيل: (تُحِبُّونَهُمْ) بسبب أنهم أظهروا لكم الإيمان (وَلَا يُحِبُّونَكُمْ) بسبب أن الكفر مستقر في باطنهم.

وقيل: (تُحِبُّونَهُمْ) بمعنى أنكم لا تريدون إلقاءهم في الآفات والمحن (وَلَا يُحِبُّونَكُمْ) بمعنى أنهم يريدون إلقاءكم في الآفات والمحن ويتربصون بكم الدوائر.

واعلم أن هذه الوجوه التي ذكرناها إشارة إلى الأسباب الموجبة لكون المؤمنين يحبونهم ولكونهم يبغضون المؤمنين، فالكل داخل تحت الآية، ولما عرفهم تعالى كونهم مبغضين للمؤمنين وعرفهم أنهم مبطلون في ذلك البغض صار ذلك داعياً من حيث الطبع، ومن حيث الشرع إلى أن يصير المؤمنون مبغضين لهؤلاء المنافقين.

(وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ) أي: ليس عندكم في شيء منه شك ولا رَيْب، وهم عندهم الشك والرِّيَب والحِيرة.

• قال الرازي: في الآية إضمار، والتقدير: وتؤمنون بالكتاب كله وهم لا يؤمنون به، وحسن الحذف لما بينا أن الضدين يعلمان معاً فكان ذكر أحدهما مغنياً عن ذكر الآخر.

• قال القرطبي: والكتاب اسم جنس؛ قال ابن عباس: يعنى بالكُتُب.

<<  <  ج: ص:  >  >>