للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أوهام الصوفية في الحكم بإيمان فرعون]

ثم قال ابن عربي: "وأما قوله: {فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ} [غافر: ٨٥] ، {إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ} ١ فلم يدل ذلك على أنه لا ينفعهم في الآخرة، بقوله في الاستثناء: إلا قوم يونس، فأراد أن ذلك لا يرفع عنهم الأخذ في الدنيا، فلذلك أخذ فرعون مع وجود الإيمان منه٢" ثم قال: "فآمن بالذي آمنت به بنو إسرائيل على التيقن بالنجاة، فكان كما تيقن، لكن على غير الصورة التي أراد، فنجاه الله من عذاب الآخرة في نفسه، ونجى بدنه، كما قال تعالى: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ [لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً} [يونس: ٩٢] لأنه لو غاب بصورته ربما قال قومه: احتجب، فظهر بالصورة المعهودة ميتا، ليعلم أنه هو] فقد عمته النجاة حسا ومعنى، ومن حقت عليه كلمة العذاب الأخروي٣ لا يؤمن، ولو جاءته كل آية {حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ} أي: يذوقوا العذاب الأخروي٤، فخرج فرعون من هذا الصنف, هذا هو الظاهر الذي ورد به القرآن, ثم إنا نقول بعد ذلك: والأمر فيه إلى الله، لما استقر في نفوس عامة الخلق من شقائه، وما لهم نص في ذلك يستندون إليه ٥" ا. هـ. وقد تقدم النص المنتج قطعا بديهة أنه من أهل النار. ثم قال: "ثم لعلم٦ أنه


١ يعني قوله سبحانه: {فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [يونس: ٩٨] .
٢ ص٢١١ فصوص.
٣، ٤ في الأصل: الأخراوي.
٥ ص٢١٤ فصوص، وليس بعجيب أن ينكر الزنديق وجود نص في القرآن يدل على أن فرعون من أصحاب النار، وقد ذكر في هذا النص نفسه أن فرعون هو الرب الأعلى، وأنه أعظم من موسى.
٦ في الأصل: وليعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>