للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإنما كان هذان الكتابان كذلك لأنه جرد فيها الحديث الصحيح المسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما الموطأ ونحوه فإنه صنف على طريقة العلماء المصنفين إذ ذاك.

وأول ما نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم كان الاهتمام به أكثر فإن الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يكتبون القرآن فقط فكان الرسول في أول نزول الوحي لا يشغلهم بغيره، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهاهم أن يكتبوا عنه غير القرآن وقال: «من كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه (١)».

ولكن الصحابة في عهده صلى الله عليه وسلم بدأوا يكتبون الأحاديث حيث أذن في الكتابة لعبد الله بن عمرو وقال: «اكتبوا لأبي شاه (٢)».

وكتب لعمرو بن حزم كتابا (قالوا: كان النهي أولا خوفا من اشتباه القرآن بغيره، ثم أذن لهم صلى الله عليه وسلم بكتابة الحديث عنه لما أمن منهم اختلاطه بالقرآن.

فكان الناس يكتبون من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتبوا أيضا غيره من الكتب والرسائل للملوك والأكاسرة والقياصرة وحكام البلاد.

ولم يكونوا يصنفون ذلك في كتب مصنفه إلى زمن تابع التابعين حتى صنف العلم بعد ذلك.

فأول من صنف ابن جريج شيئا في التفسير وشيئا في الأموات وصنف


(١) الحديث في: صحيح مسلم (كتاب الزهد ٧٢) سنن الدارمي (مقدمة ٤٢)، مسند الإمام أحمد ٣/ ١٢، ٢١، ٣٩، ٥٦.
(٢) الحديث في البخاري (كتاب العلم ٣٩)، سنن أبي داود (كتاب المناسك ٨٩)، (كتاب الديات ٤) الترمذي (كتاب العلم ١٢)، المسند (٢/ ٢٣٨).