للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الحديث نسخ بأحاديث وردت بعده منها الحديث الذي أخرجه الإمام البخاري بسنده من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم، واحتجم وهو صائم (١)».

قال ابن حزم: " صح حديث أفطر الحاجم والمحجوم بلا ريب، ولكن وجدنا من حديث أبي سعيد: أرخص النبي صلى الله عليه وسلم في الحجامة للصائم، وإسناده صحيح فوجب الأخذ به؛ لأن الرخصة إنما تكون بعد العزيمة، فدل على نسخ الفطر بالحجامة سواء كان حاجما أو محجوما " (٢).

ومنها ما نسخ بدلالة الإجماع. كقتل شارب الخمر إن كرر شربها أربع مرات، ويدلنا على ذلك الحديث الآتي الذي أخرجه الإمام أبو داود بسنده من حديث قبيصة بن ذؤيب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه، فإن عاد فاجلدوه فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه، فأتي برجل قد شرب فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ثم أتي به فجلده، ورفع القتل، وكانت رخصة (٣)».

والإجماع لا ينسخ ولكن يدل (٤) على ناسخ. قال النووي (٥): في شرح مسلم أنه منسوخ بدلالة الإجماع. وقال الصنعاني في تعقب النووي بأنه لا إجماع إذ قال ابن عمر بالعمل به، وقال به ابن حزم، وقال الشافعي: القتل منسوخ بهذا الحديث وغيره ".


(١) أخرجه البخاري في كتاب الصوم، باب الحجامة والقيء للصائم ٤/ ١٧٤ (من صحيح البخاري بشرحه فتح الباري).
(٢) فتح الباري ٤/ ١٧٨.
(٣) أخرجه أبو داود في كتاب الحدود، باب إذا تتابع في شرب الخمر ٦/ ٢٨٩ حديث رقم ٤٣٢٠ (مختصر سنن أبي داود).
(٤) الرسالة: ١٣٧ - ١٤٦.
(٥) توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار ٢/ ٤١٩.