للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسب إخلال بعض الرماة بطاعة القائد العظيم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفشل والتنازع ثم الهزيمة، ولما استنكر المسلمين ذلك أنزل الله في ذلك قوله عز وجل: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (١)، وقال عز وجل: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} (٢)، وقال سبحانه في هذا المعنى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (٣)، ولما أعجب المسلمون بكثرتهم يوم حنين هزموا، ثم أنزل الله عليهم السكينة وأيدهم بجنود من عنده فتراجعوا وصدقوا الحملة على عدوهم واستغاثوا بربهم واستنصروا به فنصرهم وأيدهم وهزم عدوهم كما قال تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} (٤) {ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} (٥).

فكل ما أصاب المسلمين في الجهاد أو غيره من هزيمة أو جرح أو غير ذلك مما يكرهون فهو بأسباب تقصيرهم وتفريطهم فيما يجب من إعداد القوة والعناية بأمر الحرب، أو بأسباب معاصيهم ومخالفتهم لأمر الله فاستعينوا بالله أيها المجاهدون واستقيموا على أمره وأعدوا لعدوكم ما استطعتم من قوة واصدقوا الله يصدقكم وانصروه ينصركم ويثبت أقدامكم واحذروا الكبر والرياء وسائر المعاصي، واحذروا أيضا التنازع


(١) سورة آل عمران الآية ١٦٥
(٢) سورة آل عمران الآية ١٥٢
(٣) سورة الشورى الآية ٣٠
(٤) سورة التوبة الآية ٢٥
(٥) سورة التوبة الآية ٢٦