للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نقص؛ فهي مقدرة من الشارع بدقة حكيمة، ولا يشترط تساويها في القيمة، ولو كانت القيمة معتبرة في تحديدها - لأمكن للشارع الحكيم ضم ممتلكات الرجل من أنواع الأموال لتشكل نصابا، ولم يقل أحد ممن يقتدى به أن من يملك أربعة جمال، وعشرين بقرة، وثلاثين شاة يجب أن يضمها إلى بعض بالقيمة ويخرج زكاتها، ولم يعتبروا القيمة إلا في نصاب العروض التجارية التي تقدر بالنقدين.

ولو كان تساوي قيمة الأنصبة مقصودا شرعا - لردت الأنصبة جميعا إلى الذهب والفضة، لتقدير قيمتها وفق هذا النصاب.

ولو افترضنا، جدلا، تساوي الأنصبة جميعا في عصر من العصور، فلا ينبغي تعميم ذلك وسحبه على أنه حكم شرعي، بل هو اتفاق بقدر الله جل وعلا، ولا أثر له في الحكم بعد تحديد النصاب عينا وعددا. واستطاع الدكاترة الأفاضل سرد أمثلة، من السنة النبوية، على دعوى تساوي قيمة الأنصبة، وأهمها وأصحها حديث الجبران، عند البخاري، الذي استدل به الدكتور القرضاوي على أن ثمن الشاة عشرة دراهم، وقال الدكتور الفنجري: أن سعر الشاة خمسة دراهم استنادا إلى تقدير السرخسي في المبسوط، والذي أورده بصيغة ضعيفة، وتعقبه فيها ابن الهمام في فتح القدير؛ مستدلا بحديث البخاري في الجبران، وقد جاءت أدلة أخرى تنقض هذا الاستدلال؛ منها:

١ - حديث عروة البارقي: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا ليشتري له به شاة، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار، وجاءه بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه، وكان لو اشترى التراب لربح به (١)» رواه البخاري وأحمد


(١) صحيح البخاري المناقب (٣٦٤٣)، سنن الترمذي البيوع (١٢٥٨)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٨٤)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٠٢).