للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفصل الخامس

عقوبة مخالفة التسعير

لما كان ولي الأمر معنيا برعاية مصالح الناس والنظر فيما تستقيم به شئون حياتهم من تحديد أسعار ومراقبة الأسواق، وكان عليه أيضا تقرير عقوبة رادعة للمخالف الذي لا يمتثل للأوامر؛ إذ إن طاعة ولي الأمر واجبة فقد قال الله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (١) ومخالفة ولي الأمر تعتبر معصية تستوجب العقوبة.

والمعاصي تنقسم بالنسبة للعقوبات إلى قسمين:

ا - قسم فيه عقوبة محددة كالحدود والقصاص والديات والكفارات.

ب - قسم ليس فيه عقوبة محددة، بل متروك شأنها لأولياء الأمر والقضاة يفرضون منها في كل حالة ما يناسبها من عقوبات تسمى بالتعزيرات.

وهذا القسم يدخل تحته عقوبة مخالف التسعير.

وأنواع العقوبات التعزيرية كثيرة أهمها: الزجر والجلد والنفي والحبس والعزل والتشهير والعقوبة بالمال.

فلولي الأمر أن يختار من هذه العقوبات ما يراه ملائما لردع مخالف التسعير؛ لأن الناس يتفاوتون فمنهم من يكفي لردعه الزجر والتوبيخ، ومنهم من لا يردعه إلا الحبس والجلد، كما أن اختلاف الزمان له تأثير في اختلاف العقوبة، فما كان رادعا في الزمن الماضي قد لا يكفي لردع الناس في زمننا الحاضر.

وقد روي عن أبي هريرة: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا. فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟


(١) سورة النساء الآية ٥٩