للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن التوبة فرض على جميع الناس؛ لقوله تعالى في سورة النور: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا} (١).

والناس فيها مراتب: أما مواقع الذنوب وقدرته على ذلك باقية فتوبته الندم على ما مضى، والإقلاع التام عن مثله في المستقبل، وأما الذي واقع الذنب ثم زالت قدرته على ذلك، ممن شيخ أو بآفة فتوبته الندم واعتقاد الترك إن كانت له قدرة، وأما من لم يواقع ذنبا فتوبته العزم على ترك كل ذنب.

والتوبة من ذنب تصح مع الإقامة على غيره، وهي توبة مقيدة، وإذا تاب العبد، ثم عاود الذنب بعينه بعد مدة، فيحتمل عند حذاق أهل السنة ألا يعيد الله تعالى عليه الذنب الأول؛ لأن التوبة قد كانت محضة، ويحتمل أن يعيده؛ لأنها توبة لم يوف بها" (٢).

وخلاصة ما قاله ابن عطية في هذا الصدد يمكن إجماله فيما يأتي:

أ- أن التوبة فرض فرضه الله تعالى على" جميع خلقه، ويؤيده ما جاء في الحديث «كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون (٣)»


(١) سورة النور الآية ٣١
(٢) راجع المحرر الوجيز لابن عطية ١٠/ ٦٨.
(٣) الحديث أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد ٤٢٥١ بسنده عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وذكره، والترمذي في القيامة ٤٩، والدارمي في الرقاق ١٨، وأحمد بن حنبل في المسند ٣/ ١٩٨.