للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- أن من أنصف لنفسه علم أن النصوص التي أخذت منها الأحكام لا تفي بعشر معشار الحوادث التي لا نهاية لها، فما الذي يقوله الظاهري في غير المنصوص إذا أتاه عامي وسأله عن حادثة لا نص فيها، أيحكم فيها بشيء أم يدع العامي وجهله؟

لا قائل من المسلمين بالثاني؛ أعني أنا ندع العامي يخبط في دينه، وإن حكم فيها - والواقع أن لا نص -؛ فإما أن يقيس، أو يخترع من نفسه حكما يلزم الناس الأخذ به.

إن اخترع من عند نفسه ونسبه إلى الحكم الشرعي كان كاذبا على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإلا كان ملزما للناس بفلتات لسانه، فما بقي إلا أنه لا يخترعه من عند نفسه ويقيسه على الصور المنصوص عليها.

والظاهري لا يقول بذلك، فعاد الأمر إلى أنه إما أن يدع العامي يخبط في دينه بما لم ينزل الله به سلطانا، أو يكذب على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أو يلزم الناس بهفواته، والثلاثة لا يقولها ذو لب - معاذ الله - (١).

- أن داود ينفي حجج العقول. . . فمن كان هذا مقدار عقله ومبلغ علمه كيف يجوز أن يعد من أهل العلم وممن يعتد بخلافه. . . (٢)


(١) الوافي بالوفيات، للصفدي ١٣/ ٤٧٥.
(٢) الفصول في الأصول، للجصاص ٣/ ٢٩٦.