للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} (١).

وعاشت العزة التي كتبها لها ربها كما قال سبحانه: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} (٢).

لقد خضعت لعزة تلك الجماعة المؤمنة جميع أمم الأرض، وفي مقدمتها فارس والروم، وبلغ ملكها المشارق والمغارب، وتحققت لها المعجزة التي بشرها بها رسولها صلوات الله وسلامه عليه.

وقد ورث تلك العزة والملك العظيم أجيال الأمة الإسلامية اللاحقة التي سارت على منهاج الجماعة الأولى إلى ما شاء الله، ثم تسربت إلى الأمة أدواء الأمم السابقة، فأخذت الدنيا طريقها إلى قلوب أبنائها، وتنافسوها كما تنافسها من قبلهم، ودب الخلاف إلى صفوفها، فأحدث شيئا من التصدع والفرقة، وكل ذلك قد أسهم في ضعف شوكة الأمة وإطماع أعدائها فيها، فأخذوا يناوشونها ويستعيدون بعض الثغور التي ضعفت قبضتها عليها، ثم غزوها في عقر دارها، ويهيئ الله لها بعد كل فترة من يجدد لها أمر دينها، وينهض بها من عثرتها فتأخذ بالثأر، وتسترد ما سلب منها، وقد اشتد في هذا الزمن تفريط الأمة في أمر دينها وإيثارها لدنياها، فسلط


(١) سورة النحل الآية ٩٧
(٢) سورة المنافقون الآية ٨