للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفضل؟ قال: الهجرة. قال: فما الهجرة؟ قال: أن تهجر السوء. قال: فأي الهجرة أفضل؟ قال: الجهاد (١)» فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان أفضل الإسلام، وأدخل فيه الأعمال.

وحاصل القول أنه إذا أفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر فلا فرق بينهما حينئذ، وإن قرن بين الاسمين كان بينهما فرق، وهو أن يقال: إن الإيمان هو تصديق القلب وإقراره ومعرفته، والإسلام هو استسلام العبد لله وخضوعه وانقياده، وذلك يكون بالعمل وهو الدين، كما سمى الله تعالى في كتابه الإسلام دينا، وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام والإيمان والإحسان دينا، وهذا أيضا مما يدل على أن أحد الاسمين إذا أفرد دخل فيه الآخر، وإنما يفرق بينهما حيث قرن أحد الاسمين بالآخر، فيكون حينئذ المراد بالإيمان جنس تصديق القلب، وبالإسلام جنس العمل، وفي مسند الإمام أحمد عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الإسلام علانية، والإيمان في القلب (٢)»، وذلك لأن الأعمال تظهر علانية، والتصديق بالقلب لا يظهر، ومن هنا قال محققو العلماء: كل مؤمن مسلم؛ لأن من حقق الإيمان ورسخ في قلبه قام بأعمال الإسلام، وانبعثت الجوارح في ذلك؛ لأن محله القلب، وهو إذا صلح صلح الجسد كله، وإذا فسد فسد الجسد


(١) المسند ٢٨/ ٢٥١ رقم ١٧٠٢٧، وقال المحقق: حديث صحيح.
(٢) أحمد (٣/ ١٣٥).