للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذا العبادة واستعانتنا به ... إياك نعبد ذاك توحيدان

وكذلك التسبيح والتكبير والت ... هليل حق إلهنا الديان

لكنما التعزير والتوقير حق ... للرسول بمقتضى القرآن

والحب والإيمان والتصديق لا ... يختص بل حقان مشتركان

هذي تفاصيل الحقوق ثلاثة ... لا تجهلوها يا أولي العدوان

حق الإله عبادة بالأمر لا ... بهوى النفوس فذاك للشيطان

ورسوله فهو المطاع وقوله ال ... مقبول إذ هو صاحب البرهان

وهو المقدم في محبتنا على ال ... أهلين والأزواج والولدان

وانظر شرح هذه الأبيات في شرح قصيدة الإمام ابن القيم ٢/ ٣٤٨ للشيخ أحمد بن عيسى رحمه الله فأئمة الدعوة الذين اقتدوا بالسلف الصالح والأئمة يحبون رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل قلوبهم ويعتقدون أن له عند الله الكرامة والرفعة والمنزلة العالية والوجاهة والقرب من الله، ولكن مع هذه الخصائص لا يصح أن يصرف له شيء من حق الله تعالى، ولا يتوسل بذاته ولا بذات غيره من الخلق وإنما يتوسل بمحبته واتباعه وتصديقه.

ولقد كذب هذا الكاتب في أنهم جعلوا المتوسل به كالمتوسل بالصنم، وأنه لا فرق عندهم بين سيد البشر والحجر. نعوذ بالله من البهت والزور والفجور، وهكذا زعمه أنهم نظروا إليه نظرة احتقار كنظرة إبليس لآدم، فكيف احتقروه وهم يشهدون له بالرسالة ووجوب الطاعة ويرون أن الطرق مسدودة إلا من طريقه، وأن من قدم حكم غيره على حكمه فقد ضل سواء السبيل، فأين الاحتقار الذي زعمه هذا الكاتب؟ فليس من لازم محبته ووجاهته دعاؤه مع الله أو الاستغاثة به دون الله، فالله تعالى يقول: {فَلاَ تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (١) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله (٢)» رواه أحمد والترمذي عن ابن عباس (٣) فهذا الكاتب وأمثاله عندهم أن من تمام محبته واعتقاد وجاهته أن يعظم


(١) سورة الجن الآية ١٨
(٢) سنن الترمذي صفة القيامة والرقائق والورع (٢٥١٦)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٠٨).
(٣) كما في المسند ١/ ٢٩٣.