للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ضعفه وجهله، وظلمه لنفسه، إلا من وفقه الله (١).

ولعلنا نأتي بمثل محسوس في هذا، ويقع في حياة الناس كثيرا، من تساهل البسطاء من الناس، والجاهلين بمسؤولية الأمانة حيث يقعون في المصيدة، ولا ينفعهم الندم، لأنهم لم يمتحنوا إيمان ودين من تساهلوا معه، ليعرفوا محك الإيمان من قلوبهم، إذ طالما كفل إنسان شخصا في دين أو أي نوع من التعاملات الدنيوية: كفالة غرم، أو كفالة حضور، مما يقود الكافل عند هروب، أو تمرد من كفل، ليقاضيه صاحب الحق، الذي ضمنه عند الجهات الشرعية، فتلزمه المحكمة، بأداء ما كفل، أو بجزاء أكبر عندما يعجز عن الوفاء، وعليه أن يبحث عن المكفول، وهذا من ضياع الأمانة، التي خانها هذا الصاحب، وجازى المعروف بالإساءة، ولم يرع المترتب عليه من حق، حمله غيره، لذهاب الورع الديني، والتقوى في قلبه.

وهذا ما يسميه بعضهم من فساد الزمان، ولكن الزمان لا يفسد، وإنما الذي يفسد من فيه، عندما يستهينون بشرع الله، في كل أمر، ومنها الأمانة، التي هي أول ما يفقد من الدين، كما أخبر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول الشاعر:

نعيب زماننا والعيب فينا ... وما لزماننا عيب سوانا


(١) تفسير ابن كثير، كتاب الشعب: ٣/ ٥٢٢.