للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الحادي عشر: أن يستودع العبد ربه الأشياء:

ومما يدفع البلاء عن النفس والأشياء استيداع الخالق لها؛ لأن الله هو الحافظ الحفيظ الذي إذا استودعه عبده شيئا حفظه، سواء كان نفسه أو ولده أو ماله، أو حفظه لكتاب الله أو العلوم أو الدين عموما، أو أي شيء يريد حفظه ويخشى هلاكه، يقول صلى الله عليه وسلم: «إذا استودع الله شيئا حفظه .... (١)» أي الذي إذا استحفظ وديعة لا تضيع، فإنه تعالى إذا استودع شيئا حفظه، وأصل الوديعة التخلي عن الشيء وتركه، وإذا تخلى العبد عن الشيء وتركه لله واستحفظه إياه، فقد تبرأ من الحول والقوة، فبذلك يحصل له الحفظ والعصمة، ويندب لكل من المتوادعين أن يقول للآخر ذلك، وأن يزيد المقيم: زودك الله التقوى وغفر ذنبك ووجهك للخير حيثما كنت (٢) ويتأكد هذا الاستيداع عند السفر فيودع المقيم المسافر لمظنة الهلاك، فيحفظه الله عز وجل بهذه الكلمات العظيمة، وصيغتها نراه في قوله صلى الله عليه وسلم: «أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم أعمالك (٣)»


(١) أخرجه النسائي: ٦/ ١٣١، وأحمد: ٢/ ٨٧، وابن حبان: ٦/ ٤١٠، وقال شعيب الأرناؤوط: (إسناده قوي)، والحاكم: ١/ ٦١٠، وقال: (صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه).
(٢) انظر: فيض القدير المناوي: ١/ ٥٠٢.
(٣) أخرجه ابن ماجه: ٣/ ٩٤٣، وأحمد: ٢/ ٣٥٨، والنسائي في الكبرى: ٥/ ٢٥١، وقال العراقي في المغني عن حمل الأسفار: ١/ ٥٥٤: (رواه ابن ماجه، والنسائي في اليوم والليلة بإسناد حسن) وقال المناوي في فيض القدير: ١/ ٥٠٢ (وقال الترمذي: صحيح غريب، وتبعه المصنف فرمز لصحته، ورواه عنه النسائي أيضا، فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد هذين غير سديد.