للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتواترت الأحاديث بأنه يحرم على النار من قال: لا إله إلا الله، ومن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله (١)

ولكن جاءت مقيدة بالإخلاص واليقين، وبموت عليها، فكلها مقيدة بهذه القيود الثقال، وأكثر من يقولها لا يعرف الإخلاص ولا اليقين، ومن لا يعرف ذلك يخشى عليه أن يفتن عند الموت، فيحال بينه وبينها.

وأكثر من يقولها إنما يقولها تقليدا أو عادة، ولم يخالط الإيمان بشاشة قلبه، وغالب من يفتن عند الموت وفي القبور أمثال هؤلاء، كما في الحديث الصحيح «فيقول: لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا فقلته (٢)» وغالب أعمال هؤلاء إنما هو تقليد واقتداء بأمثالهم.

ثم قال شيخ الإسلام: وحينئذ فلا منافاة بين الأحاديث، فإنه إذا قالها بإخلاص ويقين، [ومات على ذلك امتنع أن تكون سيئاته راجحة على حسناته، بل كانت حسناته راجحة فيحرم على النار؛ لأنه إذا] (٣) قالها العبد بإخلاص ويقين تام لم يكن في هذه الحال مصرا على ذنب، فإن كمال إخلاصه ويقينه يوجب أن يكون الله أحب إليه من كل شيء، [وأخوف عنده من كل شيء] (٤) فلا يبقى في قلبه حينئذ إرادة لما حرم الله، ولا كراهة لما


(١) تقدم بعضها.
(٢) رواه البخاري: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ١٣/ ٢٦٤ رقم ٧٢٨٧.
(٣) ما بين قوسين ليس في تيسير العزيز الحميد، ولا فتح المجيد، ولا الدرر السنية.
(٤) ما بين قوسين ليس في تيسير العزيز الحميد، ولا فتح المجيد، ولا الدرر السنية.