للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غيرها فعليه البيان، وقد لزمه أنَّ الركعة مجاز في الحديث؛ لأنه أطلقها على ما إذا أدرك قراءة الفاتحة ولو قرأها والإمام راكع ثم لحقه في آخر ركوعه حيث طوَّل الإمام ركوعه، وهذا لا يسمى مدركًا مع الإمام ركعة إلا مجازًا، وقد زعم في صدر كلامه أنَّ مقتضى من أدرك ركعة مع الإمام الحقيقة، والحقيقة بأن شاركه من ابتدائها إلى انتهائها، وكان مقتضى تلك الأحاديث هو هذا.

إلا أنَّه قد أخرج ابنُ خزيمةَ في ((صحيحه)) من حديث أبي هريرة بلفظ: «من أدرك ركعة مع الإمام قبل أن يقيم صلبه فقد أدرك الصلاة» فأفاد أنه لم يرد بالركعة مُسَمَّاها حقيقةً، ضرورةَ أنَّ قوله: ((قبل أن يقيم صلبه)) يصدق على من أدركه منحنيًا بِقَدْرٍ يسمى مُدْرِكًا، ومن المعلوم أنه لا يُسَمَّى باقي الركعة ركعةً إلا مجازًا، فتسميتها في حقِّ الإمام مجازٌ قطعًا، وكذلك في حقِّ اللاحق؛ لأنه إنْ أدرك الإمامَ منحنيًا: صدق عليه أنَّه أدرك ركعة، بتصريح الحديث. وهي مجازٌ في حقِّه، ضرورةَ أنَّه فاته قيامُها؛ فمَنْ أدرك الإمامَ منحنيًا، فأَحْرَمَ لصلاته - ضرورة أنه لا يُعَدُّ داخلاً إلا بالإحرام - ثم ركع معه قبل أن يقيم صلبه: صَدَقَ عليه أنَّه أدرك ركعة مع الإمام، وإن لم يقرأِ الفاتحةَ، ويصير معتدّا بالركعة كما دلّ له حديث ابن خزيمة.

وأما اشتراطُ أنْ يُدرِكَهُ بقدرٍ يقرأ فيه الفاتحة، فإنَّه يُذْهِبُ فائدة التقييد بـ ((قبل إقامة صلبه))؛ إذْ من المعلوم أنَّ القَبْلِيَّة قد أفادت