للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصفِّ مخافةَ أن تفوته لركعة فقال-صلى الله عليه وسلم-: «زادكَ اللهُ حرصًا ولا تَعُدْ» (١) ولم يأمره بإعادة الركعة، فليس فيها ما يدلُّ على ما ذهبوا إليه؛ لأنه كما لم يأمره بالإعادة لم ينقل إلينا أنه اعتدَّ بها، والدعاءُ له بالحرص لا يستلزم الاعتدادَ بها؛ لأن الكون مع الإمام مأمورٌ به سواء كان الشيء الذي يدركه المؤتم معتدًّا به أم لا، كما في حديثه «إذا جئتُم إلى الصَّلاة ونحنُ سجودٌ فاسجُدُوا ولا تَعُدُّوها شيئًا» (٢). (أخرجه أبو داود وغيره)، على أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم- قد نهى أبا بكرة عن العَوْدِ إلى مثل ذلك، والاحتجاجُ بشيء قد نهي عنه لا يصحُّ.

وقد أجاب ابنُ حزمٍ في ((المحلَّى)) عن حديث أبي بَكْرَةَ، فقال: إنه لا حجة لهم فيه؛ لأنه ليس فيه اجتزاء بتلك الركعة. ثم اسْتَدَلَّ على ما ذهب إليه من أنه لا بدَّ في الاعتداد بالركعة من إدراك القيام والقِرَاءَة بحديث: «ما أَدْرَكَتم فصلُّوا وما فَاتَكُمْ فأَتِمُّوا» (٣) ثم جزم بأنه لا فرق بين فوت الركعة والركن والذكر المفروض؛ لأن الكلَّ فرضٌ لا تتم الصلاة إلا به. قال: فهو مأمور بقضاء ما سبقه به الإمام وإتمامه، فلا يجوز تخصيص شيء من ذلك بغير نصٍّ آخر، ولا سبيل إلى وجوده. قال (أي ابن حزم): وقد أقدم بعضُهم على دعوى الإجماع على ذلك، وهو كاذبٌ في ذلك؛ لأنه قد روي


(١) صحيح البخاري الأذان (٧٨٣)، سنن النسائي الإمامة (٨٧١)، سنن أبو داود الصلاة (٦٨٤)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٤٢).
(٢) سنن أبو داود الصلاة (٨٩٣).
(٣) صحيح البخاري الأذان (٦٣٥)، صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٦٠٣)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٠٦)، سنن الدارمي الصلاة (١٢٨٣).