للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علا الصليب على أعلى منابرها ... وقام بالأمر من يحويه زنار

وقبل هذا البيت يقول تقي الدين:

لسائل الدمع عن بغداد أخبار ... فما وقوفك والأحباب قد ساروا

يا زائرين إلى الزوراء لا تفدوا ... فما بذاك الحمى والدار ديار

تاج الخلافة والربع الذي شرفت ... به المعالم قد عفاه إقفار

أضحى لعطف البلى في ربعه أثر ... وللدموع على الآثار آثار

يا نار قلبي من نار لحرب وغى ... شبت عليه ووافى الربع إعصار

علا الصليب على أعلى منابرها ... وقام بالأمر من يحويه زنار (١)

لقد كان النصارى في أوروبا يأملون في أن يعتنق المغول المسيحية، وأن يتم التحالف بينهم، وأن يوجهوا ضربة قاصمة للإسلام، غير أن هذه الآمال لم تلبث أن تبددت بفضل من الله ثم بسبب جهود دولة المماليك في مصر والشام، وإنزال الهزيمة الساحقة بالمغول في معركة عين جالوت (في رمضان سنة ٦٥٨ هـ) فتحطمت الأسطورة القائلة: إن المغول قوة لا تقهر.

يرى المؤرخ الأرمني (هيتون) أن السبب في سير هذه الحملة التي وقعت فيها معركة شقحب كان رغبة قازان في تحطيم سلطان المسلمين في مصر، واسترداد الأرض المقدسة، وتسليمها إلى النصارى، وأن قازان كان يريد السير بنفسه على رأس تلك الحملة، ولكن تهديد حدوده الشرقية أدى إلى أن ينيب عنه قطلوشاه، الذي تعاون مع النصارى، ولا سيما الأرمن الذين كانوا يشكلون قوة كبيرة في جيش قطلوشاه، وقد استولوا على عدد من مدن المسلمين، وقتلوا فيها ومثلوا ونهبوا، وفعلوا الأفاعيل البالغة في الفظاعة والشناعة.

كان الرعب الذي يرافق تحركات المغول شديدا، يملأ صدور الناس ويوهن من


(١) ((شذرات الذهب)) ٥/ ٢٧١ - ٢٧٢ وهذا المذكور جزء من القصيدة، والزنار من شارات النصارى.