وقال أبو سعد الإدريسي: كان أبو عيسى يضرب به المثل في الحفظ. وقال الحاكم: سمعت عمر بن علك يقول: مات البخاري، فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى، في العلم والحفظ، والورع والزهد. بكى حتى عمي، وبقي ضريرا سنين. ونقل أبو سعد الإدريسي بإسناد له، أن أبا عيسى قال: كنت في طريق مكة، فكتبت جزأين من حديث شيخ، فوجدته فسألته، وأنا أظن أن الجزأين معي، فسألته، فأجابني، فإذا معي جزآن بياض، فبقي يقرأ علي من لفظه، فنظر، فرأى في يدي ورقا بياضا، فقال: أما تستحي مني؟ فأعلمته بأمري، وقلت: أحفظه كله. قال: اقرأ. فقرأته عليه، فلم يصدقني، وقال: استظهرت قبل أن تجيء؟ فقلت: حدثني بغيره. قال: فحدثني بأربعين حديثا، ثم قال: هات. فأعدتها عليه، ما أخطأت في حرف. قال شيخنا أبو الفتح القشيري الحافظ: ترمذ، بالكسر، وهو المستفيض على الألسنة حتى يكون كالمتواتر. وقال المؤتمن الساجي: سمعت عبد الله بن محمد الأنصاري يقول: هو بضم التاء. ونقل الحافظ أبو الفتح بن اليعمري أنه يقال فيه: ترمذ، بالفتح
وعن أبي علي منصور بن عبد الله الخالدي، قال: قال أبو عيسى صنفت هذا الكتاب، وعرضته على علماء الحجاز، والعراق وخراسان، فرضوا به، ومن كان هذا الكتاب -يعني " الجامع " - في بيته، فكأنما في بيته نبي يتكلم. قلت: في " الجامع " علم نافع، وفوائد غزيرة، ورءوس المسائل، وهو أحد أصول الإسلام، لولا ما كدره بأحاديث واهية، بعضها موضوع، وكثير منها في الفضائل.