للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال غيث بن علي: حدثنا أبو الفرج الإسفراييني قال: كان الخطيب معنا في الحج، فكان يختم كل يوم ختمة قراءة ترتيل، ثم يجتمع الناس عليه وهو راكب يقولون: حدثنا، فيحدثهم. أو كما قال.

قال المؤتمن: سمعت عبد المحسن الشيحي يقول: كنت عديل أبي بكر الخطيب من دمشق إلى بغداد، فكان له في كل يوم وليلة ختمة.

قال الخطيب في ترجمة إسماعيل بن أحمد النيسابوري الضرير حج وحدث، ونعم الشيخ كان، ولما حج، كان معه حمل كتب ليجاور، منه: صحيح البخاري ; سمعه من الكشميهني، فقرأت عليه جميعه في ثلاثة مجالس، فكان المجلس الثالث من أول النهار وإلى الليل، ففرغ طلوع الفجر.

قلت: هذه -والله- القراءة التي لم يسمع قط بأسرع منها.

وفي " تاريخ " محمد بن عبد الملك الهمذاني: توفي الخطيب في كذا، ومات هذا العلم بوفاته. وقد كان رئيس الرؤساء تقدم إلى الخطباء والوعاظ أن لا يرووا حديثا حتى يعرضوه عليه، فما صححه أوردوه، وما رده لم يذكروه. وأظهر بعض اليهود كتابا ادعى أنه كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإسقاط الجزية عن أهل خيبر، وفيه شهادة الصحابة، وذكروا أن خط علي -رضي الله عنه - فيه. وحمل الكتاب إلى رئيس الرؤساء، فعرضه على الخطيب، فتأمله، وقال: هذا مزور، قيل: من أين قلت؟ قال: فيه شهادة معاوية وهو أسلم عام الفتح، وفتحت خيبر سنة سبع، وفيه شهادة سعد بن معاذ ومات يوم بني قريظة قبل خيبر بسنتين. فاستحسن ذلك منه.

قال السمعاني: سمعت يوسف بن أيوب بمرو يقول: حضر الخطيب درس شيخنا أبي إسحاق، فروى أبو إسحاق حديثا من رواية بحر بن كنيز السقاء، ثم قال للخطيب: ما تقول فيه؟ فقال: إن أذنت لي ذكرت حاله. فانحرف أبو إسحاق، وقعد كالتلميذ، وشرع الخطيب يقول، وشرح أحواله شرحا حسنا، فأثنى الشيخ عليه، وقال: هذا دارقطني عصرنا.