يعرف حاله، والخبر الثاني فيه محمد بن كثير القصاب، وهو ذاهب الحديث، وليس بشيء، قال أبو محمد - رحمه الله -: والمعتمد عليه في الأخبار التي صدرنا بها في كتابنا في المحاربين من إباحة القتل دون المال وسائر المظالم، لكن إن كان على القوم المقطوع عليهم أو الواحد المقطوع عليه والمدخول عليه منزله في المصر ليلا أو نهارا في أخذ ماله أو في طلب زنا أو غير ذلك مهلة فالمناشدة فعل حسن لقول الله تعالى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}(١)، فإن لم يكن في الأمر مهلة ففرض على المظلوم أن يبادر إلى كل ما يمكنه به الدفاع عن نفسه، وإن كان في ذلك إتلاف نفس اللص والقاطع من أول وهلة، فإن كان على يقين من أنه إن ضربه ولم يقتله ارتدع حرام عليه قتله، فإن لم يكن على يقين من هذا، فقد صح اليقين بأن مباحا له الدفع والمقاتلة فلا شيء عليه إن قتله من أول ضربه أو بعدها قصدا إلى مقتله أو إلى غير مقتله؛ لأن الله تعالى قد أباح له المقاتلة والمدافعة قاتلا ومقتولا، وبالله تعالى التوفيق.
فأما لو كان اللص من الضعف بحيث لا يدافع أصلا أو يدافع دفاعا يوقن معه أنه لا يقدر على قتل صاحب الدار فقتله صاحب المنزل فعليه القود؛ لأنه قادر على منعه بغير القتل فهو متعد. حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، نا أحمد بن عبد البصير، نا قاسم بن أصبغ، نا محمد بن عبد السلام الخشني، نا محمد بن المثنى، نا موسى بن إسماعيل، نا سفيان الثوري، عن مسلم الضبي، قال: قال إبراهيم النخعي: إن خشيت أن يبتدرك اللص فابدره، قال أبو محمد - رحمه الله -: هذا نظير قولنا، والحمد لله رب العالمين.
قال أبو محمد - رحمه الله -: نا حمام، نا ابن مفرج، نا ابن الأعرابي، نا الديري، نا عبد الرزاق، عن معمر قال: قلت للزهري: إن هشام بن عروة أخبرني أن عمر بن عبد العزيز إذ هو عامل على المدينة في زمان الوليد بن عبد الملك قطع يد رجل ضرب آخر بالسيف، فضحك الزهري وقال لي: أو هذا مما يؤخذ به؟ إنما كتب الوليد بن عبد الملك إلى عمر بن عبد العزيز أن يقطع يد رجل ضرب آخر بالسيف، قال الزهري: فدعاني عمر بن عبد العزيز واستفتاني في قطعه، فقلت له: أرى أن يصدقه الحديث، ويكتب إليه أن صفوان بن المعطل ضرب حسان بن ثابت بالسيف على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يقطع النبي - عليه السلام -