للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يده. وضرب فلان فلانا بالسيف زمن مروان فلم يقطع مروان يده، وكتب إليه عمر بذلك فمكث حينا يأتيه رجع كتابه ثم كتب إليه الوليد أن حسانا كان يهجو صفوان، ويذكر أنه ونساء أخر قد قاله الزهري: وذكرت أن مروان لم يقطع يده، ولكن عبد الملك قطع يده فاقطع يده، قال الزهري: فقطع عمر يده وكان من ذنوبه التي كان يستغفر الله تعالى منها.

قال أبو محمد - رحمه الله -: إن كان رفع السيف على سبيل إخافة الطريق فهو محارب عليه حكم المحارب، وإن كان لعدوان فقط لا قطع طريق فعليه القصاص فقط إلى المجروح، فإن لم يكن هنالك جرح فلا شيء إلا التعزير فقط، وبالله تعالى التوفيق.

(مسألة) قطع الطريق من المسلم على المسلم وعلى الذمي سواء، وذلك لأن الله تعالى إنما نص على حكم من حاربه وحارب رسوله - صلى الله عليه وسلم - أو سعى في الأرض فسادا، ولم يخص بذلك مسلم من ذمي {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} (١)، وليس هذا قتلا للمسلم بالذمي، ومعاذ الله من هذا لكنه قتل له بالحرابة، ويمضي دم الذمي هدرا، وكذلك القطع على امرأة أو صبي أو مجنون كل ذلك محاربة صحيحة يستحق بها ما ذكرنا من حكم المحاربة، وأما الذمي إن حارب فليس محاربا لكنه ناقض الذمة؛ لأنه قد فارق الصغار فلا يجوز إلا قتله، ولا بد أو يسلم فلا يجب عليه شيء أصلا في كل ما أصاب من دم أو فرج أو مال، إلا ما وجد في يده فقط؛ لأنه حربي لا محارب، وبالله تعالى التوفيق.

وأما المسلم يرتد فيحارب فعليه أحكام المحارب كلها على ما ذكرنا من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالعرنيين الذين اقتص منهم قودا، وأقام عليهم حكم المحاربة، وكانوا مرتدين محاربين متعدين، وبالله تعالى التوفيق، اهـ المقصود.

وقال ابن تيمية الحفيد - رحمه الله - (٢):

فصل

ومن ذلك عقوبة المحاربين، وقطاع الطريق: الذين يعترضون الناس بالسلاح في


(١) سورة مريم الآية ٦٤
(٢) ص٣٠٩ من ج٢٨ من مجموع الفتاوى.