للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[هراة]

بالفتح: مدينة عظيمة مشهورة من أمهات مدن خراسان لم أر بخراسان عند كوني بها في سنة ٦٠٧ مدينة أجل ولا أعظم ولا أفخر ولا أحسن ولا أكثر أهلا منها فيها بساتين كثيرة ومياه غزيرة وخيرات كثيرة محشوة بالعلماء ومملوءة بأهل الفضل والثراء وقد أصابها عين الزمان ونكبتها طوارق الحدثان وجاءها الكفار من التتر فخربوها حتى أدخلوها في خبر كان فإنا لله وإنا إليه راجعون وذلك في سنة ٦١٨. قال الرهني: إن مدينتها بنية للإسكندر وذلك أنه لما دخل الشرق ومر بها إلى الصين وكان من عادته أن يكلف أهل كل بلد ببناء مدينة تحصنهم من الأعداء فيقدرها ويهندسها لهم، وعلم أن في أهل هراة شماسا وقلة قبول فاحتال عليهم وأمرهم أن يبنوا مدينة ويحكموا أساسها ثم خط لهم طولها وعرضها وسمك حيطانها وعدد أبراجها وأبوابها واشترط لهم أن يوفيهم أجورهم وغراماتهم عند عوده من ناحية الصين فلما رجع من الصين ونظر إلى ما بنوه عابه وأظهر كراهيته وقال ما أمرتكم أن تبنوا هكذا فرد بناءهم عليهم بالعيب ولم يعطهم شيئا.

ونسب إليها خلق من الأئمة والعلماء. منهم الحسين بن إدريس بن المبارك بن الهيثم بن زياد أبو علي الأنصاري مولاهم الهروي أحد مشهوري المحدثين بهراة سمع بدمشق هشام بن عمار وسمع ببغداد عثمان بن أبي شيبة وغيره خلقا كثيرا وروى عنه جماعة كثيرة منهم حاتم بن حيان، وقال الدارقطني الحسين بن حزم وأخوه يوسف بن حزم الهرويان ينسبان إلى الأنصار واسم أبيهما إدريس ولقبه حزم وللحسين كتاب صنفه في التاريخ على حروف المعجم نحو كتاب البخاري الكبير ذكر فيه حديثا كثيرا وأخبارا وكان من الثقات ومات سنة ٣٠١، وفي هراة يقول أبو أحمد السامي الهروي:

هراة أرض خصبها واسع ونبتها اللفاح والنرجس

ما أحد منها إلى غيرها يخرج إلا بعد ما يفلس

ويقول فيها الأديب البارع الزوزني:

هراة أردت مقامي بها لشتى فضائلها الوافرة

نسيم الشمال وأعنابها وأعين غزلانها الساحرة