للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحالة الأولى:

أن يكون الربا له في ذمم الناس لم يقبضه بعد، ففي هذه الحالة قد أرشده الله تعالى إلى أن يسترجع رأس ماله ويترك ما زاد عليه من الربا فلا يستوفيه ممن هو في ذمته قال الله تعالى {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} (١)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في معرض كلامه على أن التراضي بين الطرفين على فعل محرم لا يبيحه: قال: وهذا مثل الربا فإنه وإن رضي به المرابي وهو بالغ رشيد لم يبح ذلك لما فيه من ظلمه. ولهذا له أن يطالبه بما قبض منه من الزيادة ولا يعطيه إلا رأس ماله وإن كان قد بذله باختياره (٢) وقال أيضا: وهذا المرابي لا يستحق في ذمم الناس إلا ما أعطاهم أو نظيره، فأما الزيادات فلا يستحق شيئا منها، لكن ما قبضه قبل ذلك بتأويل يعفى عنه، وأما ما بقي له في الذمم فهو ساقط؛ لقوله تعالى: {وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا} (٣) والله أعلم (٤).

الحالة الثانية:

أن يكون التائب من الربا قد قبضه وتجمعت عنده أموال منه، وفي هذا قاعدة ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى حيث قال: قاعدة في المقبوض بعقد فاسد؛ وذلك أنه لا يخلو إما أن يكون العاقد يعتقد الفساد ويعلمه أو لا يعتقد الفساد. فالأول: يكون بمنزلة الغاصب حيث قبض ما يعلم أنه لا يملكه لكنه لشبهة العقد وكون القبض عن التراضي هل يملكه بالقبض أو لا يملكه، أو يفرق بين أن يتصرف فيه أو لا يتصرف؟ هذا فيه خلاف مشهور في الملك هل يحصل بالقبض في العقد الفاسد؟


(١) سورة البقرة الآية ٢٧٩
(٢) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، الجزء (الخامس عشر)، ص ١٢٦.
(٣) سورة البقرة الآية ٢٧٨
(٤) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، جزء (٢٩)، صفحة ٤٣٧.