للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس الموت بالعدم المحض.

والحديث عن الأرواح يستدعي البحث في مصيرها من حيث الاستمرار والانقطاع. . أهي باقية خالدة. . أم أنها كغيرها هن المخلوقات التي تتعرض لتيارات من هذه وتلك؟. .

وقد اختلف العلماء قديما في هذا الموضوع، ولكن أرجح ما وصلوا إليه هو أن روح كل إنسان إنما يبدأ وجوده بنفخة الملك الموكل به، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن مسعود (رضي الله عنه): «أن خلق ابن آدم يجمع في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح (١)». أما متى تنتهي رحلة هذا الروح المخلوق بأمره تعالى من نفخة الملك فلا جواب على ذلك، لأن (الروح لا يلحقه عدم ولا فناء ولا اضمحلال) وقد أخبرنا البارئ سبحانه عن مصير الأشقياء في سورة طه {إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا} (٢) ويكرر المعنى نفسه في سورة فاطر {وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا} (٣) فهم مخلدون لا يجدون موتا يريحهم من العذاب ولا تتاح لهم نفحة من الأمن تذيقهم طعم الحياة.


(١) انظر البحث موسعا في (لوامع الأنوار) للسفاريني، جـ ٢، ص ٤٤، من مطبوعات الشيخ علي آل ثاني.
(٢) سورة طه الآية ٧٤
(٣) سورة فاطر الآية ٣٦