للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي نرى رجحانه هو الفرق بين إتمام المصنوع ووجود عيب فيه حيث يكون له الخيار، وبين عدم إتمامه على صورته المطلوبة أبدًا حيث يطالب بتنفيذه، أو بعبارة الفقهاء: فوات الجنس، وفات الوصف حيث يؤدي فوات الجنس إلى بطلان العقد أو فساده، بينما يؤدي فوات الوصف إلى حق الخيار (١) .

وإن كان مطابقًا للشروط والمواصفات المطلوبة في العقد فقد سقط خيار الصانع، وللمستصنع الخيار، هذا على ظاهر الرواية عن أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد.

وروي عن أبي حنيفة أن لكل واحد منهما الخيار.

وروي عن أبي يوسف أنه لا خيار لهما (٢) .

وقد ذكر الكاساني أدلة كل رأي فقال في وجه استدلال الرأي الأول: (بسقوط حق الصانع في الخيار بعد إكمال المصنوع وعرضه على المستصنع: بأن الصانع بائع ما لم يره فلا خيار له، ثم ذكر السبب في عدم سقوط حق المستصنع في الخيار: بأن المستصنع مشتر ما لم يره فكان له الخيار، قال الكاساني: (وإنما كان كذلك، لأن المعقود عليه وإن كان معدومًا حقيقة فقد ألحق بالموجود ليمكن القول بجواز العقد، لأن الخيار كان ثابتًا لهما قبل الإحضار لما ذكرنا أن العقد غير لازم، فالصانع بالإحضار أسقط خيار نفسه فبقي خيار صاحبه على حالة كالبيع الذي فيه شرط الخيار للعاقدين إذا أسقط أحدهما خياره أنه يبقى خيار الآخر، كذا هذا) (٣) .

واستدل الرأي الثاني بأن في تخيير واحد منهما دفع الضرر عنه، وأنه واجب (٤) .

واستدل الرأي الأخير بأن الصانع قد أفسد متاعه وقطع جلده وجاء بالعمل على الصفة المشروطة، فلو كان للمستصنع حق الامتناع من أخذه لكان فيه إضرار بالصانع، بخلاف ما إذا قطع الجلد ولم يعمل فقال المستصنع: (لا أريد، لأنا لا ندري أن العمل يقع على الصفة المشروطة أولا، فلم يكن الامتناع منه إضرار بصاحبه فثبت الخيار، وأما الدليل على أن الصانع ليس له الخيار فهو الدليل الذي ذكرناه للرأي الأول (٥) .


(١) بدائع الصنائع: ٦/٢٦٨٠.
(٢) بدائع الصنائع: ٦/٢٦٨٠.
(٣) بدائع الصنائع: ٦/٢٦٨٠.
(٤) بدائع الصنائع: ٦/٢٦٨٠.
(٥) بدائع الصنائع: ٦/٢٦٨٠

<<  <  ج: ص:  >  >>