للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصوير المحيط البرهاني للمذهب الحنفي:

هذا الذي ذكرناه هو ما بينه الكاساني في تصوير المذهب الحنفي، حيث ذكر أن الخلاف في اللزوم وعدمه إنما هو في المرحلة الثالثة عندما يكتمل المصنوع ويعرض على المستصنع ...

لكن المحيط البرهاني صور المسألة عند الحنفية على أن الخلاف وارد في أصل العقد نفسه من حيث اللزوم والجواز، أو بعبارة أخرى ذكر لنا أن بعض الحنفية يرون لزوم العقد بمجرد الانعقاد، وحينئذ يُجبر الصانع على العمل، والمستصنع على أخذه إذا كان موافقًا للشروط والمواصفات، ولننقل نص عبارته حيث قال: (قلنا: الروايات في لزوم الاستصناع وعدم اللزوم مختلفة) ثم ذكر الروايات إلى أن قال ( ... ثم رجع أبو يوسف عن هذا وقال: لا خيار لواحد منهما، بل يجبر الصانع على العمل، ويجبر المستصنع على القبول، وجه ما روي عن أبي يوسف أنه يجبر كل واحد منهما، أما الصانع فلأنه ضمن العمل فيجبر على العمل، وأما المستصنع فلأنه لو لم يجبر على القبول يتضرر به الصانع، لأنه عسى لا يشتريه غيره أصلًا، أو لا يشتري بذلك القدر من الثمن فيجبر على القبول دفعًا للضرر عن الصانع) (١) .

وهذا الذي ذكره أبو يوسف وفصله المحيط البرهاني هو الموافق لمقتضى العقود، والقواعد العامة في هذه الشريعة من نفي الضرر والضرار ورعاية مصالح العاقدين.


(١) المحيط البرهاني، مخطوطة مكتبة الأوقاف العامة: ج ٢٠ ورقة ٥٧٥ – ٥٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>