إنه العرف وقد ذكرنا أن العرف ليس دليلًا شرعيًّا قائمًا برأسه وإلَّا لما احتجنا إلى الشريعة وإنما العرف يمكنه أن يشخص لنا مصاديق الأدلة ومداليل الألفاظ ومرادات المتكلمين كما يمكنه أن يكشف لنا عن إمضاء الشارع المعصوم للقاعدة الأصولية كالاستصحاب أو الحكم الفرعي شريطة أن يمتد إلى عصر المعصوم فيكون عرفًا عامًّا في زمانه ومن خلال عدم نهيه عنه يكتسب مشروعية التقرير طبعًا مع التأكد من كل هذه الأمور أي الامتداد إلى ذلك العصر حتمًا وعدم صدور النهي قطعًا.
كما هو الحال في عقد الاستصناع - كما يدعى - وهذا أمر يختلف عن الحال في عقد نشك في امتداده إلى ذلك العصر بل يقال أنه ظهر أول ما ظهر في القرن الخامس الهجري في مدينة بلخ وهو أمر مرفوض خصوصًا إذا لاحظنا الروايات الآتية عن أهل البيت (ع) وعلى أي حال فإننا لا نستطيع تحكيم العرف هنا والخروج فيه عن القواعد والقوانين الشرعية.
أما بالنسبة لما استقر عليه الرأي والذي عبر عنه الأستاذ الزرقاء بالبيع الجديد المشابه (للبيع الصحيح والفاسد والرهن) . كما عبرت عنه الموسوعة بأنه (مركب من العقود الثلاثة كالزرافة فيها صفة البعير والبقرة والنمر) . فهو أيضًا لم نستطع أن نتبين الوجه في تصحيحه. إذ أننا تارة نحاول التشبيه وأخرى نحاول التماس الدليل الشرعي للحكم الشرعي الذي نريد استنباطه. وهل يكفي مجرد الشبه لنقل حكم من المشبه به إلى المشبه؟
كما أن وجود عنصر فاسد - وهو المفروض لديهم - في هذا العقد يفسد المجموع - كما مر ذلك. ولا نستطيع بعد هذا أن نجيز شمول أدلة الوفاء لمثل هذا العقد والحال هذه.
ولذا رأينا الأستاذ الزرقاء يكتفي بنقل القول دون تأييده بل رأينا أبا شجاع والسعدي والماتريدي يعدلون عن هذا الرأي ويلجأون إلى تصحيحه باعتباره عقد رهن كامل وبالتالي يمنحونه كل أحكام الرهن وهذا أيضًا لم نر له وجهًا بعد أن لم يقصده المتعاقدان مطلقًا ومع هذا فلا مجال لفرض ضرورة الالتزام به كقول جامع وعدم تسويغ الخروج عليه.
ولا ننسى أن نشير إلى من جوزه لحاجة الناس إليه فلا نرى ذلك أيضًا دليلًا مسوغًا اللهم إلا أن يتحول إلى ضرورة وللضرورات أحكامها وليس الأمر كذلك.