للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك لو عثر السائر بالواقف، قدم الماشي هدر وعلى عاقلته دية الواقف؛ لأن السائر هو المتلف، فكان الضمان عليه، فإن مات هو أو دابته فهو هدر، لأنه أتلف نفسه ودابته (١) .الصورة الأخرى لفعل المضرور هو اشتراكه مع الآخر في إحداث الضرر، أما في الصورة الأولى فكان الخطأ كله من جانب المضرور نفسه، أما في هذه الصورة فإن الاثنين يشتركان في الخطأ وفي إيقاع الضرر، ومثاله: أن يصطدم الفارسان فيتلفان أو تتلف دابتاهما. يقول ابن قدامة في هذه الصورة ويذكر مذاهب العلماء فيها، وجملته: أن على كل واحد من المصطدمين ضمان ما تلف من الآخر من نفس أو دابة أو مال، سواء كانت الدابتان فرسين أو بغلين أو حمارين أو جملين، أو كان أحدهما فرسا والآخر غيره، سواء كانا مقبلين أو مدبرين، وبهذا قال أبو حنيفة وصاحباه وإسحاق، وقال مالك والشافعي: على كل واحد منهما نصف قيمة ما تلف من الآخر؛ لأن التلف حصل بفعلهما، فكان الضمان منقسما عليهما كما لو جرح إنسان نفسه وجرحه غيره فمات منها (٢) .

ويقول صاحب المهذب من الشافعية في هذه الصورة: لأن كل واحد منهما هلك بفعله وفعل صاحبه، فهدر النصف بفعله ووجب النصف بفعل صاحبه، كما لو جرح كل واحد منهما نفسه وجرحه صاحبه (٣) . وللمزني تفصيل يقول: إن استلقى أحدهما فانكب الآخر على وجهه وجب على المكب دية المستلقي وهدر دمه؛ لأن الظاهر أن المنكب هو القاتل والمستلقي هو المقتول (٤) .


(١) المغني ٩ / ١٧٣، ١٧٤
(٢) المغني: ٩ / ١٧٣
(٣) المهذب: ٢ / ١٩٤
(٤) ذات المرجع – ومجمع الضمانات ص ١٨٩

<<  <  ج: ص:  >  >>