للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا تحولنا من هذا إلى التحقيق في أمر هذه الفئة المضلة، فإنا مع التسليم بجهودها الكبيرة، وبانقطاعها للبحث فيما تشتغل به من قضايا أو تتفرغ له من أعمال، لا نجدها إلا سطحية التكوين، خفيفاً وزنها فيما تحذق من علوم أو تتخصص فيه من فنون؛ لأنها كما قال عنها أحمد فارس الشدياق: (لم تأخذ العلم عن الأشياخ، وإنما تطفلت عليه تطفلاً وتوثبت فيه توثباً) . والذي ساقها إلى الانحراف عن الحق والدس للإسلام، مع ما وقعت وتقع فيه من أخطاء في التصورات والآراء، الوهم الغفلة والجهل الناشئ جميعه عن التوجيهات المدبرة والأحكام المسبقة.

وإنه ليس من الخفي على أحد، وخاصة على المهتمين بالاستشراق والمعنيين بتاريخه وآثاره، أن جهود هذا النوع من الباحثين قام في الأكثر من البداية على أكتاف الرهبان والمبشرين وثلة من اليهود، ثم اتصل بعد ذلك بالاستخبارات وبالسياسة الغربية الحاقدة المغرضة، فكان بالطبع ينبعث بصورة عامة في الدول الاستعمارية من الكنيسة ووزارة الخارجية، ويحمل بذور العصبية الدينية وتيارات الغزو الفكري والثقافي، مستهدفاً تقويض المجتمعات الإسلامية، وتجريدها من مقوماتها، واستلاب هويتها. فلا بدع إن رأيناه يدأب على توهين قوى الإسلام، وتمزيق شمله، وتضليل سعيه، وبعثرة العوائق أمام أممه، وبذل الجهود الماكرة الذكية لجعل المنتمين إلى الدين الإسلامي ينحرفون عنه، ويضيقون به. (١)


(١) محمد الغزالي. دفاع عن العقيدة والشريعة: ٣٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>