للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانياً: ادعاء أن المتأخرين عن العصر الأول في مرحلة النضج هم الذين وضعوا الأحاديث واخترعوها تلفيقاً وابتداعاً ليقيموا بذلك ديناً ويكتبوا للعرب المسلمين تاريخاً.

ومثل هذا القول باطل ومردود، ينكره العقل والمنطق؛ لما يقتضيه الأمر من صلة قائمة بين صاحب الرسالة ومن حوله ممن أرسل إليهم، ومن بيان وتوجيه ودعوة اضطلع بها فيهم، وبلغها لمن وراءهم عن طريقهم.

ولا نظر لما قد يكون حصل من تزيد في الأخبار مما وصفه القصاصون وأصحاب النحل والأهواء لانكشاف أمرهم وتبين النقاد موضوعاتهم، وتحريهم في النقل، وتنبيههم على كل ما تشوبه أدنى شائبة من الوضع في مروياتهم.

وقالوا: (إن تعاليم القرآن تجد تكملتها واستمرارها في مجموعة من الأحاديث المتواترة، وهي وإن لم ترو عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة تعتبر أساسية لتميز روح الإسلام) . (١)

وفي هذا القول، وإن صح ما يشير إليه من اتحاد النسق بين القرآن والسنة باعتبارهما وحياً منزلاً متلواً، وغير متلو، إبعاد في إنكار السنة وعدم الوثوق حتى بالمتواتر منها.

وزادوا تأكيداً لهذا المعنى حين خلصوا إلى القول (بأن الإسلام نما على يد رجاله، وسبيل نمائه الإضافات التي جعلت كيان هذا الدين يكبر إلى حد لم يعرفه محمد نفسه، فإن ألوف الأحاديث التي ثبت أن الرسول نطق بها هي من صنع العلماء الذين أرادوا أن يجعلوا من الإسلام ديناً كبيراً شاملاً، فخلقوا هذه الأحاديث. (٢)


(١) محمد الغزالي: دفاع عن العقيدة والشريعة: ٧٥
(٢) محمد الغزالي دفاع عن العقيدة والشريعة: ٧٥

<<  <  ج: ص:  >  >>