للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرط الثاني – أن يكون المسلم فيه مما يغلب وجوده عند حلول الأجل:

هذا شرط متفق عليه (١) ، لأن المسلم فيه واجب التسليم عند حلول الأجل فلا بد أن يكون تسليمه ممكنا حينذاك، وإلا كان من الغرر الممنوع، وعلى هذا فلا يجوز أن يسلم في ثمر إلى أجل لا يعلم وجود ذلك الثمر فيه، أو لا يوجد فيه إلا نادرا، كما لا يجوز أن يسلم في ثمار نخلة معينة أو ثمار بستان بعينه، وقد كان أهل المدينة حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم يسلمون في ثمار نخيل بأعيانه فنهاهم عن ذلك، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسلف إليه رجلا من اليهود دنانير في تمر مسمى، فقال اليهودي: من تمر حائط بني فلان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أما من حائط بني فلان، فلا، ولكن كيل مسمى إلى أجل مسمى، وذلك لأن تمر البستان المعين لا يؤمن تلفه)) (٢) .

وجود المسلم فيه عند العقد ليس شرطا عند الجمهور:

لا يشترط عند جمهور الفقهاء وجود المسلم فيه عند العقد، ولا بعده قبل حلول الأجل، فلا يضر عندهم عدم وجوده عند العقد (٣) ، كما لا يضر انقطاعه بين العقد والأجل وحجتهم في هذا:

١- حديث ابن عباس المتقدم، فإنه لم يذكر فيه شروط الوجود، ولو كان شرطا لذكره النبي صلى الله عليه وسلم، ولنهاهم عن السنتين والثلاث، لأن المعلوم أن الثمر لا يبقى هذه المدة.

٢- التسليم قبل حلول الأجل غير مستحق، فلا يلزم وجود المسلم فيه، إذ لا ثمرة لوجوده حينئذ (٤) .

وقال الحنفية: يشترط وجود المسلم فيه في الأسواق من حين العقد إلى حين حلول الأجل، ولو لم يكن موجودا عند المسلم إليه، فالسلم عند الحنفية لا بد أن يكون في إبان وجود المسلم فيه، فلو كان المسلم فيه موجودا عند العقد، وغير موجود عند حلول الأجل، لا يجوز السلم، وهذا محل اتفاق بين الفقهاء، وكذلك لا يجوز السلم عند الحنفية إذا كان المسلم فيه موجودا عند حلول الأجل، ولكنه غير موجود عند العقد، أو كان موجودا عند العقد، وعند حلول الأجل، ولكنه انعدم فيما بين ذلك.


(١) ابن عابدين ٤/٢٨٤؛ وبداية المجتهد ٢/٢٠٢؛ والمنهاج مع نهاية المحتاج ٤/١٨٨؛ والمغني ٤/٣٢٥؛ والمحلى ٩/١١٤؛ والبحر الزخار ٤/٤٠٣؛ والمختصر النافع ١٥٨
(٢) نيل الأوطار ٥/٢٤٠؛ والمغني ٤/٣٢٥؛ والبحر الزخار ٣/٣٩٩
(٣) الشافعية يشترطون وجوده عند العقد في السلم والحال، ويعبرون بالقدرة على التسليم، يقول النووي: (يشترط كون المسلم فيه مقدورا على تسليمه عند وجوب التسليم) ويعلق عليه الرملي بقوله: وذلك بالعقد إن كان حالا، وبالحلول إن كان مؤجلا – نهاية المحتاج ٤/١٨٨
(٤) المنتقى ٤/٣٠؛ وفتح العزيز مع المجموع ٩/٣٤٥؛ المغني ٤/٢٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>