للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحجة الحنفية في هذا الشرط هي أن الأجل يبطل بموت المسلم إليه، ويجب أخذ المسلم فيه من تركته، فاشترط لذلك داوم وجود المسلم فيه، لتدوم القدرة على تسليمه، إذ لو لم يشترط هذا الشرط، ومات المسلم إليه قبل أن يحل الأجل، فربما يتعذر تسليم المسلم فيه (١) .

وينبني على هذا الشرط أن السلم عند الحنفية ليس من بيع المعدوم، وإنما هو من بيع ما ليس مملوكا للبائع- المسلم إليه.

والغرض من هذا الشرط عند الجمهور وعند الحنفية أيضا، هو التحرز من الغرر الناشئ عن عدم القدرة على التسليم، ولكن الحنفية شددوا أكثر مما يلزم في التحرز من الغرر، باشتراطهم دوام وجود المسلم فيه، من وقت العقد إلى وقت الاستحقاق، وقد كان من الممكن معالجة الحالة التي فرضوها بما عالج به الحنفية أنفسهم حالة انقطاع المسلم فيه بعد حلول الأجل، وقبل أن يوفى، فقد قالوا فيها: يخير رب السلم بين انتظار وجود المسلم فيه، والفسخ وأخذ رأس ماله (٢) فلم لا يقال هذا في حالة انقطاع المسلم فيه عند موت المسلم إليه هذا على التسليم بأن موت المسلم إليه يبطل الأجل، أما إذا قلنا بأن موته لا يبطل الأجل، فإن حجة الحنفية تبطل من أساسها (٣) .


(١) ابن عابدين ٤/٢٨٤؛ ٢٨٦ وذكر ابن قدامة أن النووي والأوزاعي رأيهما كرأي الحنفية، وإن رأي إسحق وابن المنذر كرأي الأئمة الثلاثة – المغني ٤/٣٢٦؛ وانظر أيضا نيل الأوطار ٥/٢٤٢ وقال ابن حزم: إن سفيان والأوزاعي اشترطا وجود المسلم فيه وقت العقد، ولكنهما لم يشترطا عدم انقطاعه – المحلى ٩/١٤٤
(٢) ابن عابدين ٤/ ٢٨٤
(٣) انظر المغني ٤/٣٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>