للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتابة عقد السلم:

ورد الأمر بكتابة الدين في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢] ، قال ابن عباس: هذه الآية نزلت في السلم خاصة، قال القرطبي: معناه أن سلم أهل المدينة كان سبب الآية، ثم هي تتناول جميع المداينات إجماعا، والأمر بالكتابة أمر بالإشهاد؛ لأن الكتابة بغير شهود لا تكون حجة، وذهب بعض الناس إلى أن كتب الديون واجب على أربابها، بهذه الآية، وهو اختيار الطبري، وقال الجمهور: الأمر بالكتب ندب إلى حفظ الأموال، وإزالة الريب، وهذا هو القول الصحيح (١) .

أخذ رهن أو كفيل من المسلم إليه:

يجوز عند جمهور الفقهاء أن يأخذ المسلم من المسلم إليه رهنا، أو يطالبه بكفيل يضمن أداء ما عليه من دين السلم – المسلم فيه-، وهذا هو رأي الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، وهو رأي عطاء، ومجاهد، وعمرو بن دينار، والحكم، وابن المنذر. لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ} [البقرة: ٢٨٢] – إلى قوله تعالى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] ، وقد روي عن ابن عباس، وابن عمر أن المراد به السلم، ولأن اللفظ عام، فيدخل السلم في عمومه، ولأنه أحد نوعي البيع، فجاز أخذ الرهن بما في الذمة منه. كبيوع الأعيان (٢) .

وقال الحنابلة في رواية: لا يجوز أخذ الرهن، أو الكفيل، في المسلم، وهي الرواية التي اختارها الخرقي، ووجه هذه الرواية أن الرهن إنما يجوز بشيء يمكن استيفاؤه من ثمن الرهن، والمسلم فيه لا يمكن استيفاؤه من الرهن، ولا من ذمة الضامن، لأنه لا يأمن هلاك الرهن في يده بعدوان فيصير مستوفيا لحقه من غير المسلم فيه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)) ، ولأنه يقيم ما في ذمة الضامن مقام ما في ذمة المضمون عنه، فيكون في حكم أخذ العوض والبدل عنه، وهذا لا يجوز.

ورويت كراهة أخذ الرهن والكفيل عن علي، وابن عمر، وابن عباس، والحسن، وسعيد بن جبير، والأوزاعي (٣) .


(١) الجامع لأحكام القرآن ٣/٣٧٧ و٣٨٢ و٣٨٣
(٢) تحفة الفقهاء ٢/٢٣؛ والمدونة الكبرى ٩/٥٦ و٥٨؛ والمهذب ١/٣٠٥؛ المغني ٤/٣٤٢
(٣) المغني ٤/٣٤٢

<<  <  ج: ص:  >  >>