للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلف الفقهاء في المراد بالقبض فيما يمكن نقله وتحويله من مكان إلى آخر – المنقول – والذي أرجحه هو أن المنقول إذا كان مقدرا فقبضه يكون باستيفاء قدره، وهذا هو مذهب الحنفية والمالكية، والحنابلة (١) وإذا كان جزافا (٢) فقبضه بنقله من مكانه، وهو مذهب الحنابلة ورواية عند المالكية (٣) ،وفيما عدا المقدار والجزاف، يكون القبض ما يعتبره العرف قبضا، وهو مذهب المالكية والشافعية والحنابلة (٤) ، وذلك عملا بالأحاديث الصحيحة المصرحة بالأمر بالكيل فيما بيع بالكيل، والأحاديث المصرحة بالنهي عن بيع الجزاف حتى ينقل، وعملا بالعرف فيما لم يرد فيه نص.

ويتضح من هذا أنه لا يغني عن القبض التحقق من قدرة المسلم على توفير السلعة عند حلول الأجل ولا التأمين على السلعة المسلم فيها، ولا وجودها في مخازن عمومية منظمة (٥) ، لأن قدرة المسلم على تسليم السلعة عند حلول الأجل شرط لصحة عقد السلم، فلو كان المسلم غير قادر على التسليم، أو شاكا فيه لا يجوز العقد.

ووجود السلعة في مخازن عمومية منظمة محقق للقدرة على التسليم، وليس قبضا للمسلم فيه.

والتأمين على السلعة ضرب من الضمان، وليس قبضا، ثم إن علة منع بيع المسلم فيه قبل قبضه ليست هي احتمال عدم القدرة على تسليمه وحدها، حتى يقال إذا انتفت العلة بتحقق القدرة على التسليم، ينتفي المانع، ويصح البيع، فهناك علة الربا، وعلة عدم دخول السلعة في ضمان المشتري.


(١) ابن عابدين ٤/٢٢٦؛ والدسوقي على الشرح الكبير ٣/١٢٦؛ والمغني ٤/١٢٥
(٢) المسلم فيه لا يكون جزافا
(٣) المغني ٤/١٢٥، والدسوقي على الشرح الكبير ٣/١٢٦
(٤) الدسوقي على الشرح الكبير ٣/١٢٦؛ والمجموع ٩/٢٧٥؛ المغني ٤/١٢٦
(٥) هذا جواب عن الاستفسارات الواردة في مخطط المجمع

<<  <  ج: ص:  >  >>