للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)) رواه أبو داود وابن ماجه (١) ، ولأن أخذ العوض عن المسلم فيه بيع، فلم يجز كبيعه من غيره، فأما إن أعطاه من جنس ما أسلم فيه خيرا منه، أو دونه في الصفات جاز، لأن ذلك ليس ببيع، إنما هو قضاء للحق مع تفضل أحدهما (٢) .

ويجوز عند المالكية قضاء المسلم فيه بغير جنسه، سواء أكان القضاء قبل الأجل أم بعده، بشروط ثلاثة:

١- أن يعجل البدل المدفوع، لئلا يكون من فسخ الدين في الدين.

٢- ألا يكون المسلم فيه طعاما، ليسلم من بيع الطعام قبل قبضه.

٣- أن يكون سلم رأس المال في المدفوع من غير الجنس صحيحا، ومثل له الدردير بما لو أسلمه ثوبا في عبد، فقضى عنه بعيرا، فإنه يصح سلم الثوب في البعير، ومثل لما لا يصح بمثالين، أحدهما: ما لو أسلم ورقا في عبد، فقضى عنه ذهبا، أو أسلم ذهبا في عبد، فقضى عنه ورقا؛ لأنه يؤول إلى سلم ذهب في فضة، أو فضة في ذهب، وهو صرف مؤخر.

والمثال الثاني: ما لو أسلمه طعاما في ثوب، فقضى عنه طعاما، لأنه يلزم عليه بيع طعام بطعام نسيئة (٣) .

يتضح من هذا أن المانعين للاستبدال- الحنفية والشافعية والحنابلة – اعتمد بعضهم – الحنابلة – على حديث ((من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره)) ، واعتمدوا جميعا على أن الاستبدال بيع للمبيع قبل قبضه، المنهي عنه، ولا فرق عندهم بين بيعه من بائعه، أو من غيره.

والمالكية المجوزون للاستبدال ساروا فيه على رأيهم في بيع المبيع قبل القبض، فأجازوه في غير الطعام بشرط تعجيل البدل، وصلاحيته لأن يكون مسلما فيه لرأس مال السلم.


(١) في إسناد هذا الحديث عطية بن سعد العوفي، قال المنذري: لا يحتج بحديثه – نيل الأوطار ٥/٢٤١
(٢) المغني ٤/٣٣٥
(٣) الشرح الصغير على أقرب المسالك ٢/٢٨٤؛ وانظر بداية المجتهد ٢/٢٠٥

<<  <  ج: ص:  >  >>