للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأرى جواز الاستبدال، سواء أكان المسلم فيه طعاما، أم غير طعام بشرطين:

الأول: أن يكون البدل صالحا لأن يجعل مسلما فيه لرأس مال السلم؛ لأن البدل سيحل محل المسلم فيه فيشترط فيه ما يشترط في المسلم فيه.

الثاني: ألا يكون البدل أكثر من المسلم فيه لئلا يربح المسلم مرتين كما يقول ابن عباس.

وهذا الرأي متفق مع رأي ابن عباس، ومع رأي المالكية في غير الطعام مع إسقاط شرط تعجيل البدل؛ لأني لا أرى مانعا من التأجيل، ما دام المسلم لن يأخذ أكثر من المسلم فيه.

ولكنه مختلف مع رأي الجمهور، وسبب اختلافي مع الجمهور هو أن الدليلين اللذين اعتمد عليهما الجمهور غير مقبولين عندي.

فالدليل الأول – وهو الحديث الذي أورده الحنابلة لم تثبت صحته، فلا يحتج به.

والدليل الثاني، وهو كون الاستبدال بيعا للمبيع قبل قبضه المنهي عنه، غير مسلم به؛ لأن استبدال غير المسلم فيه بالمسلم فيه ليس بيعا، ولو سلمنا بأنه بيع، فلا نسلم أنه بيع للمبيع قبل قبضه المنهي عنه؛ لأن بيع المبيع قبل قبضه المنهي عنه هو بيعه من غير بائعه؛ لأن هذا هو الشأن في البيع، والاستبدال، على تسليم أنه بيع، هو بيع للمسلم فيه من بائعه.

ثم إن العلل الثلاثة التي ذكرها الفقهاء للمنع من بيع المسلم فيه قبل قبضه لا تتحقق في الاستبدال الذي أجزته، فعلة الربا، وعلة ربح ما لم يضمن، لا تتحقق إلا في البيع بأكثر من الثمن الأول، وهذا فقد اشترطت في الاستبدال ألا يكون البدل أكثر من المبدل – المسلم فيه – وأما علة الغرر فغير متصورة في الاستبدال.

وزيادة على هذا فإنه قد تكون هناك حاجة إلى هذا الاستبدال، وبخاصة بالنسبة إلى المزارعين، فقد يصعب على المزارع الحصول على ما تعاقد عليه، ويكون عنده غيره، وقد حدث هذا مرارا، عندنا في السودان، بين بعض المزارعين والبنوك التي تتعامل بعقد السلم، واستفتيت فيه، فأفتيت بجواز الاستبدال.

<<  <  ج: ص:  >  >>