للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدكتور محمد علي القري بن عيد:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد، فإننا بعد الاستماع إلى هذا العرض المميز الذي قدمه لنا الشيخ الضرير-أحسن الله إليه ووفقه لكل خير-أظن أننا نخلص بنتيجة ألا جديد في فقه السلَم، ولكن، إن مجرد التأكيد على ما هو معلوم من أركان السلَم وشروط صحته والانتهاء من ذلك بترجيح الراجح منها لا يفيد، إذ إنه لا يعد إنجازًا ذا بال بالنسبة لهذا المجمع الموقر، كما لا يفيدنا بعث الخلافات القديمة بين المذاهب والفقهاء مما لا طائل من ورائه إذ لا علاقة مباشرة لكثير من تلك الخلافات بالحياة المعاصرة.

الأولى – في نظري, والله أعلم-أن ننظر إلى المسائل المستجدة وإلى أنواع المعاملات التي يتعامل بها الناس وإلى العقود التي يقوم عليها النشاط التجاري في معاملات الناس اليوم، فهم يدخلون في ما يشبه السَلم ولكن مع اختلاف في الشروط مثل تأجيل البدلين، وهذه هي صيغة بيع البترول الذي يقوم عليه اقتصاد كثير من بلاد المسلمين، وصيغة بيع أنواع كثيرة من السَلم والمواد، أو يقومون بدفع جزء يسير من رأس المال في مجلس العقد وتأجيل ما بقي، وهذا ما ينتشر في العمل به في أسواق السلع وفيها استثمارات البنوك الإسلامية وكثير من أموال المسلمين، أو أنهم يبيعون المسَلم فيه قبل قبضه، وهذا قوام النشاط التجاري في الأسواق الدولية لتبادل المواد الأولية.

إن صرف الجهود والوقت لمناقشة هذه أظن أنها أولى وأنفع، ولست أقول: إننا يجب أن نستعجل التوصل إلى النتائج؛ لأن في ذلك خطرًا لا يخفى، بل يجب أن نتأنى وأن ننظر في المآلات في جوانبها الشرعية والاقتصادية. مثلًا إن القول بجواز بيع بضاعة السَلم قبل القبض يثير سؤالًا مهما هو: لماذا جاز ذلك في السلم ولم يجز في غيره من العقود؟ كما أن القول بجواز إصدار سندات للسَلم قابلة للتداول يؤول إلى توليد نظام اقتصادي معتمد في فاعليته على الديون ولذلك آثاره الاقتصادية المدمرة. ثم إن هذه السندات تتداول في أيدي الناس لأغراض المقامرة كما يحصل في أسواق المال في العالم ولا يخفى ما في ذلك من مفاسد. الذي أريد أن ألفت النظر إليه هو الحاجة إلى مناقشة المسائل العملية سواء تلك التي يتعامل الناس بها أو التي تتولد عندما نصمم صيغًا جديدة للسلَم. وشكرًا لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>