للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الثانية: هي مسألة السلم المتوازي. هذا السلم ليس جديدا وقد أشار إليه ابن قدامة في المغني حينما منع أن يبيع الإنسان السلعة التي اشتراها بالسلم، فأشار بأنه لو باع سلعة أخرى غيرها وأخذ ما اشتراه وسدد به التزامه فهذا جائز، وهذا السلم المتوازي –أيضا-لا يصلح حيلة لأن ضماناته الشرعية فيه وهي تعجيل رأس السلم، قد يقول قائل: ما دام أن السلم الأول يجب فيه تعجيل رأس مال السلم والثاني يجب فيه التعجيل فلماذا لا يأتي المشتري الثاني ويتصل مباشرة بالمنتج الأول ويلغي هذا الوسيط ما دام هناك تعجيل؟ هناك مآرب كثيرة وأغراض يتوصل إليها الناس عن طريق هذا السلم الموازي، فقد تكون الصفقة الأولى بالجملة بمبالغ كبيرة والصفقات الأخرى الموازية صغيرة لا يقوى المشتري الأخير على أن يتفق مع المنتج الأول، وهذا يحدث في صفقات البترول، وقد يكون هناك استعداد لتحمل المخاطرة من الوسيط، فالمشتري الأخير لا يثق بالمنتج الأول ويعطيه هذا رأس مال السلم معجلا وينتظر، ولكن يأتي وسيط ويقبل هذه المخاطرة ويأخذ هذا رأس مال السلم ثم يسلم هو إلى الطرف الآخر، فإذن كان هناك مآرب كثيرة، وأيضا هذا ليس فيه حيلة والبنوك الإسلامية قد تحتاج إليه، ثم هذا السلم الموازي ليس بالضرورة أن يكون سلما موازيا فقد تكون العملية الأولى سلما والعملية لثانية استصناعا، وبهذا تستطيع المصارف الإسلامية أن تستخدم هذا وسيلة للتمويل فهي تدخل في شراء سلم وتعجل رأس المال للمنتج الأول ثم تبيع هذا إذا كان فيه صنعة، وكما تعلمون أن كل ما يجوز سلما يجوز استصناعا، فيستفاد من هذه الطريقة بأن تكون العملية الأولى سلما والعملية الثانية استصناعا.

هناك فائدة نبه إليها أحد المصرفيين الفنيين للسلم، بأنه يفيد في عملية الميزانيات السنوية للشركات والمؤسسات، لأنه لا يدخل في المطلوبات لأن هذا المبلغ الذي تأخذه الشركة رأس مال للسلم لو أنه كان قرضا فإنه يعتبر مديونية ويثقل ميزانيتها ويؤثر على تصرفاتها تجاه الرقابة من البنك المركزي، ولكن حينما يأخذ رأس مال بالسلم فإنه يعتبر مدفوعات مقدمة عن تصنيع وعن مبيعات، وهذا يفيد الشركات في ميزانياتها لأنه كما هو في العرف يكون خارج القائمة (قائمة المطلوبات) .

هذا الذي أردت أن أنبه إليه، والله أعلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

<<  <  ج: ص:  >  >>