للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفرق بين الذرائع والوسائل

الوسيلة لغة: المنزلة عند الملك والوسيلة: الدرجة والوسيلة القربة.

وسل فلان إلى الله وسيلة: إذا عمل عملًا يقربه إليه، والواسل: الراغب إلى الله.

وتوسل إليه بوسيلة إذا تقرب إليه بعمل: والوسيلة: الوصلة والقربة. قال الله تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ} [الإسراء: ٥٧] .

وقال الجوهري: الوسيلة ما يتقرب به إلى الغير وفي حديث الأذان:

" اللهم آت محمدًا الوسيلة " وهي منزلة في الجنة أو القرب إلى الله.

وقيل: هي الشفاعة يوم القيامة (١) .

وقد فسر الرسول في حديث آخر أخرجه مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلى الله عليه بها عشرًا ثم سلوا لي الله الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة)) (٢) .

وبهذا يتبين أن الوسيلة تتفق مع الذريعة في معنى الوصول إلى المتوسل إليه ولكن تطلق إطلاقات أخرى وهي: المنزلة في الجنة والشفاعة يوم القيامة

وفي الاصطلاح: الذرائع هي منع الجائز الذي يؤدي إلى فعل محظور، وتحريم الوسائل يؤدي إلى نفس المعنى، فلا فرق بين الاصطلاحين، وهذا هو المعنى المتعارف عند المالكية ويبدو أن المالكية الذين اعتمدوا سد الذرائع واعتبروه قاعدة ودليلًا من أدلة التشريع، لم يفرقوا بين الذريعة والوسيلة المستلزمة للمتوسل إليه، وقالوا بتحريم الوسائل التي تستلزم المتوسل إليه.

ولكن فرق الشافعية بينهما بتقييد الوسيلة بالمقصودة. ويظهر هذا في القسم الثالث من أقسام الذريعة التي ذكره القرافي وهو القسم المختلف فيه كبيوع الآجال، والمالكية اعتبروا هذا القسم مما ينطبق عليه قيد استلزام الوسيلة للمتوسل إليه، بناء على قطعية الإفضاء وهو من باب سد الذرائع.


(١) لسان العرب لابن منظور باب وسل الوسيلة ج٣ ص ٩٢٧
(٢) صحيح مسلم الجزء الأول ٢٨٨

<<  <  ج: ص:  >  >>