للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثالث

المقارنة بين الذرائع والحيل الشرعية

ومدى الوفاق أو الخلاف بينها

الذريعة: معناها الطريقة التي تكون ذاتها جائزة ولكنها توصل: إلى ممنوع. فليست هي المقصودة في نفسها وإنما المقصود ما توصل إليه (١) .

وفسرها ابن عاشور: بأنها: ما يفضي إلى فساد سواء قصد الناس إفضاءه إلى فساد أم لم يقصدوا ذلك في الأحوال العامة (٢) .

أما الحيلة: فهي مشتقة من التحول ومعناها نوع مخصوص من التصرف الذي هو التحول من حال إلى حال، ثم غلبت بعرف الاستعمال على ما يكون من الطرق الخفية موصلًا إلى حصول الغرض بحيث لا يتفطن إليه إلا بنوع من الذكاء والفطنة.

وصارت في عرف الفقهاء إذا أطلقت قصد بها الحيل التي يستحل بها المحارم، كحيل اليهود، وكل حيلة تضمنت اسقاط حق الله أو الآدمي فهي تندرج فيما يستحل بها المحارم (٣) .

وقال ابن عاشور: التحيل يراد منه: أعمال يأتيها بعض الناس في خاصة أحوال للتخلص من حق شرعي عليه، بصورة هي معتبرة شرعًا حتى يظن أنه جار على حكم الشرع (٤) .

وقال الشاطبي: الحيلة: حقيقتها المشهورة تقديم عمل ظاهر الجواز لإبطال حكم شرعي وتحويله في الظاهر إلى حكم آخر فمآل العمل فيها خرم قواعد الشريعة في الواقع، كالواهب ماله عند رأس الحول فرارًا من الزكاة فإن أصل الهبة على الجواز ولو منع الزكاة من غير هبة لكان ممنوعًا، فإن كان واحد منهما ظاهر أمره في المصلحة أو المفسدة فإذا جمع بينهما على هذا القصد صار مآل الهبة المنع من أداء الزكاة، وهو مفسدة ولكن بشرط القصد إلى إبطال الأحكام الشرعية (٥) .

نفس هذا المعنى أشار إليه ابن تيمية عندما قال: فالحيلة أن يقصد سقوط الواجب أو حل الحرام بفعل لم يقصد به ما جعل ذلك الفعل له أو ما شرع، فهو يريد تغيير الأحكام الشرعية بأسباب لم يقصد بها ما جعلت تلك الأسباب له (٦) .


(١) تهذيب الفروق ٣/٢٧٤
(٢) مقاصد الشريعة ١٢٣
(٣) الفتاوى لابن تيمية ١/٢٩١، إعلام الموقعين ٣/٢٥٢
(٤) مقاصد الشريعة ١٢٢
(٥) الموافقات ج٤/ ٢٠١
(٦) الفتاوى ج٣/ ١٠٩

<<  <  ج: ص:  >  >>