فحسب رأي كثيرين من فقهاء وباحثي الفقه الإسلامي على أن الحيل تناقض سد الذرائع مناقضة ظاهرة، فالحيلة إجراء يتوصل من خلاله إلى معاملة معينة، وسد الذريعة وسيلة لعدم حصول تلك المعاملات، لهذا فشكلا تجتمعان في أن كليهما وسيلة للوصول إلى هدف، وهذا تطابق أولي بينهما لكن عندما نصل إلى النتائج ندرك أن ما تهدف إليه هذه تسده الأخرى، وخصوصا يقع الاختلاف بينهما في موضوع الحيل المحرمة، فحيلة المحلل في النكاح لا يمكن أن تتفق مع أي نوع من أنواع سد الذرائع، وكذلك حيلة بيع العينة أو الآجال لا تنسجم عند المالكية مع الحياة الإسلامية فتأتي ذريعة سدها لتحول بينها مع التطبيق.
وفي إعلام الموقعين بعد أن حرم كثير من الحيل، أورد بعض الحيل في حدود اثنتي عشرة حالة مباحة لا تثير سد الذريعة فيها أي خلاف، وإذا كان الشارع حرم بعض الوقائع، فإنه يرمي من وراء ذلك إلى درء المفاسد، وما يجري مجراها، من أجل سلامة المجتمع، والمحافظة على طهارة الأبدان والأموال، فحرم أنوعا من الأنكحة.
وتحرم الحيل المفضية إليها، وحرم بعض المعاملات وتحرم الحيل التي تتخذ حتى يتوصل البعض إلى تعاطي تلك المعاملات وفق إجراءات تجعل العقد كوسيلة إلى تلك المعاملات المحرمة، فسلامة الوسيلة تبرر سلامة الغاية، بل الحيلة تستمد الجواز أو عدمه من الغرض الذي ستخدمه، وهذا الشيء نفسه تتسم به الذريعة فلقد رأينا في المبحث الأول أن الذريعة يحدد حكمها بحسب الغرض الذي سيتحقق من سدها، أو فتحها.
ولذا تزعم الفقه المالكي والحنبلي، ومعهما الشافعي في بداية ظهور مذهبه القول بتحريم الحيل، وعدم التسامح في أمرها، فتارة يتصدون إليها عن طريق سد الذرائع، وتارة عن طريق ما أسموه بفساد غرض أصحابها.