يضاف إلى ذلك أمران اثنان: أولهما: أن من شروط استمرار الزواج قدرة الزوج على الجماع، وهذه قدرة منقوصة في حال إصابته بالإيدز، نظرًا لضرورة استعمال الرفال في كل مرة منذ بداية العملية الجنسية إلى نهايتها, وإذا كان العزل عن المرأة جائزًا إذا أذنت، فإن عدم إذنها قد يؤلف مدخلًا لتسويغ طلب الطلاق.
والأمر الثاني: أن الإنجاب مقصد أساسي من مقاصد الزواج، وواضح أن العزل عن الزوجة بالشروط المطلوبة للوقاية من الإيدز يجعل احتمال الإنجاب أقرب إلى العدم، وقد يكون ذلك مدخلًا آخر لتسويغ طلب الطلاق.
لقد وضع ابن القيم (١) . رحمه الله – ضابطًا للعيوب التي يجوز الفسخ بها، فقال: والقياس أن كل عيب ينفر الزوج الآخر منه، ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار أي في العقد قياسًا على البيع بل هو أولى.
وقد عزا إلى ابن شهاب الزهري، وذكر عنه أنه قال:(يرد النكاح من كل داء عضال) وعزا كذلك إلى القاضي شريح الذي قال عن عقد الزواج: إن كان دلس لك بعيب لم يجز.
وذكر ابن القيم كذلك أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أمر رجلًا عقيمًا تزوج امرأة من غير أن يخبرها، أن يخبرها بعقمه ثم يخيرها.
وحكمه رضي الله عنه على الزوج بإخبار زوجته وتخييرها، لأن الغرض الأسمى للزواج هو الإنجاب، وهو مطلب لكلًا الزوجين على سواء، وعدم الإنجاب مناف للسكن والرحمة والمودة وعلى ذلك سارت قوانين الأحوال الشخصية في كثير من البلدان الإسلامية.
ويستوي في ذلك أن يكون العيب موجودًا قبل العقد أو وجد بعده ولم يرض به الطرف الآخر.
وهذا ينطبق اليوم على مرض الإيدز، بل إن مرض الإيدز أشد لما يؤدي إليه من هلاك بسبب العدوى، وتشير جميع التقارير الدولية والعالمية على خطورة الإيدز وما يمكن أن ينتج عنه من آثار مدمرة على حياة الإنسان وبقائه على سطح هذه البسيطة.