للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملاحظة الثانية: هي عبارة عن سؤال للدكتور الشيخ وهبة الزحيلى، فتكلم في بحثه عن التسعير وأتى بالحديث الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله هو المسعر، القابض، الباسط، الرازق. . إلى آخره)) ، وهذا الحديث قال: إنه كان في زمن لم تكن الأسعار تتفاحش بالغلاء، وبعد ذلك جاز التسعير، وذكر أن فقهاء المدينة السبعة قالوا ذلك والإمام مالك والفقهاء ... أنا لم أر فقهاء المدينة وأعرف أن مالكا عنده قولان لا قول واحد رواه عنه أشهب، الذي رواه عنه أشهب جواز التسعير، وذكر الباجي – رحمه الله – عند شرحه لهذا الحديث ... في الموطأ لم يأتِ به إلا أثر عمر بن الخطاب مر بحاطب بن أبي بلتعة وهو يبيع زبيبا له في السوق فقال: إما أن تزيد في السعر وإما أن ترفع عن سوقنا. هذا الموطأ حتى إن محمد بن الحسن الشيباني قال: وبهذا نقول فلا يجوز التسعير. الباجي عندما شرح قال: التسعير له نوعان، وأنه لا يلجأ إليه إلا في الضرورة عند المالكية، وقال: إنه لا يتناول إلا مسائل خاصة: أن يكون مقتصرا على ما يكال ويوزن كاللحوم والخضروات والزيتون والحبوب، أما غير ذلك فلا يتعلق بالتسعير. والشيء الذي أسأل عنه: هل علماء المدينة السبعة قالوا بهذا؟ هذا هو الذي أريد أن أعرفه. والله تعالى أعلم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشيخ يوسف القرضاوي:

بسم الله الرحمن الرحيم

شكرًا سماحة الرئيس، والشكر موصول للإخوة الباحثين ولمن عرض بحوثهم الأخ الشيخ عبد الله بن بيه، وللإخوة المعقبين، وحديثي يتلخص في موضوع كنت أحسب أن الإخوة الذين كتبوا بحوثهم يتعرضون له. تعرض الشيخ وهبة الزحيلي إلى ضوابط الفتوى، وهناك أمر نحتاج إليه في عصرنا كثيرا وهو مزالق المتصدين للفتوى في عصرنا، وهذا أمر في غاية الأهمية والخطورة فقد رأينا فتاوى تحل الحرام وتحرم الحلال وتسقط الفرائض، حتى الأمور المجمع عليها والتي لا شائبة فيها مثل الربا وغير ذلك. ولذلك ينبغي أن ننبه إلى هذا المزالق الخطرة، وأستطيع أن أعدد بعض المزالق المهمة من استقرائي لما ينشر وما يذاع، فمن هذه المزالق الغفلة عن النصوص.

الأخ الشيخ الحاج الناصر يتحدث أن الأساس الكتاب والسنة، هناك أناس يفتون وهم في غفلة عما في الكتاب والسنة. الغفلة عن السنة هذا أمر واضح وشكا منه العلماء من قديم، عند الفقهاء أحاديث ضعيفة وأحاديث لا أصل لها، ولذلك كثيرا ما يقولون هذا من أحاديث الفقهاء، واضطر إمام كابن الجوزي أن يخرج أحاديث التعاليق في كتابه (التحقيق في أحاديث التعاليق) التعاليق الموجودة في كتب الفقه وأن ينقحه ابن عبد الهادي وأن تُخرج الكتب المشهورة في المذاهب مثل (الهداية) وقد تصدى لها جمال الدين الزيلعي في كتابه (نصب الراية) ، والحافظ ابن حجر في (تلخيص الحبير) إلى آخره.

فالسنة للأسف نجد كثيرين يغفلون عنها، إنما مع هذا وجد من يغفل حتى عن القرآن يعني أفتى بعض الإخوة وفي بعض البلاد بجواز أن يلحق الإنسان اللقيط بنسبه ويصبح واحدا من الأسرة وقالوا: هذا جائز والفقهاء جوزوا الاستحقاق. ولكن جواز الاستحقاق إذا كان هناك شبهة أو وطء بشبهة حتى إن ابن تيمية وابن القيم أجاز الاستحقاق بالزنا، إنما إذا لم يكن هناك أي شيء فهذا هو التبني المحرم شرعا {وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ} [الأحزاب: ٤] ، فهناك الغفلة حتى نصوص القرآن فما بالك بالسنة!!.

<<  <  ج: ص:  >  >>