ووزارة الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية في التطبيق والممارسة تلاحظ وفاء هذه النصوص لحاجات العمل للنهوض بمؤسسة الوقف وإدارتها وفق أحكام الأسس، وأن لديها مرونة واسعة في مجال تطوير العمل وتحديثه بهدف الوصول إلى تحقيق أهداف الوقف وآثاره في المجتمع.
وإن الأمر لا يعتريه نقص تشريعي في مجال تقعيد الأحكام الشرعية للوقف، وإن كان الأمر على المستوى الإداري والإجرائي يتطلب باستمرار مزيدا من الأنظمة والتعليمات التي تنهض بالعمل وتفعله وتحقق المؤسسية الراشدة لإنجاز المسؤوليات الكبيرة التي تحملها مؤسسة الوقف.
والواقع أن تمتع المؤسسة الوقفية باستقلال مالي وإداري نظراً لطبيعة الوقف الذي تقوم بإدارته والإشراف عليه ... هو الذي يحقق لمؤسسة الوقف حماية للأوقاف من أن تذوب في أملاك الدولة، ويصون الأموال الوقفية من أن يعتدى عليها، وأن تستعمل في النفقات الحكومية.
كما أنه يصون الأوقاف من التغيير والتبديل، ويمكنها من أداء دورها فيما رصدت له من جهات النفع العام، فتتحقق بذلك رسالتها الدينية والثقافية والاجتماعية في إطار ما شرط الواقفون من شروط.
وهذا الاستقلال المالي والإداري بصفة عامة لمؤسسة الوقف قد تقع له بعض السلبيات، فهو قد يحرم مؤسسة الوقف من أن تحظى بما تحظى به مؤسسات الدولة الأخرى من رعاية وبخاصة في الجوانب الإدارية، وقد يؤدي إلى عدم الاهتمام بمؤسسة الوقف على مستوى فعاليات الدولة، مما قد يكون سبباً في ضعف التشريعات والتخلف عن مواكبة التطور، وعدم رفد المؤسسة الوقفية بالكفاءات المطلوبة وقصورها عن التطوير لفعالياتها الإدارية والمالية، وتزداد سلبيات ذلك إذا كانت مؤسسة الوقف ضعيفة الإمكانيات بسبب قلة الأوقاف وقلة ناتجها.
وهذا يتطلب أن تولي إدارة الأوقاف أمر التطوير الإداري كل الاهتمام بحيث يكون ذلك بإشراف الحكومة ومتابعتها ودعمها دون تفريط باستقلال الوقف الإداري والمالي.
ثم إن هذه السلبيات تتلاشى مع وعي الأمة بمختلف أجهزتها وفعالياتها على رسالة الوقف ودوره الكبير، وتعتبر الأوقاف الأردنية مثالاً متميزاً لاستقلال الوقف الإداري والمالي مع الرعاية الموصولة التي تحظى بها مؤسسة الوقف من كل فعاليات المجتمع، فحظيت الأوقاف بالتشريعات المنظمة لأوضاعها وشؤونها، كما تم تزويدها بالكفاءات الإدارية المطلوبة، ولم تكتف بذلك، بل قدم الدعم المالي المجزي لموازنتها.